رغبة الإرضاء
بقلم الدكتور / مجدي غرسان *
كل عام وأنتم بخير .. عيدكم مبارك جميعا وتقبل الله من الحجيج حجهم ومن الباذلين جهدهم وتطوعهم .
أتحدث الْيَوْمَ عن رسائل العيد التي تصل لنا جميعاً من المعارف والاصدقاء والأقارب .
الحقيقة أنني سأتحدث بموقف مختلف ومؤيداً لها في بعض أحيان ، وعلى خلاف النقد الحاد الذي تطوّع به بعض الذين يملكون بيوتاً من زجاج ويرمون الاخرين بالحجارة .
نعلم جميعاً أن مثل هذه الرسائل والتهاني هي نوع من التواصل الاجتماعي الذي كان ولابد أن يكون بلقاء أو إتصال أو زيارة . وقد تحدثت عن أهمية الرسائل الورقية في كتابي "شواهد على الإخاء " ولكن، لنكن أكثر وعياً بالاحداث المحيطة بِنَا من حيث ظروف الاخرين وإمكاناتهم في التواصل ومدى تواجدهم حولنا .
إخواني الكرام أنا لا أُبرر الاستمرار في استخدام الرسائل الجماعية والاكتفاء بها بالطبع ولكن ، يجب أن نعلم ونتأكد من أن الأشخاص الذين قاموا بإرسالها لنا اختاروا أسمائنا كذلك وفِي هذا نوع من الاحترام ، فبمجرد أن يختار الشخص اسمك في هاتفه ويرسل لك ضمن قائمة لست مسؤولا عن تواجدك فيها فهو بذلك يبرهن أنه يريد أن يصلك وهناك ما يمنعه . إما لغياب عن المكان ، أو صعوبة في الاتصال ، أو ظروف خاصة ، أو ربما لضيق وقت لا سميا اذا كنت مطلع على وضعه وظروفه .
إن رغبة الإرضاء التي يمارسها البعض ومحاولة إلصاق التهم بالآخرين من حيث التقصير في حقهم وعدم تخصيص وقت كاف لمراسلة شخصية أو حتى اتصال خاص أو زيارة ويقول أنا لا أرد على الرسائل الجماعية !! هذه الرغبة هي نتاج لقصور شخصي فهو يعلم جيدا أنه اكثر المقصرين وأنه يعاني من شهوة الإرضاء وكأنه يقول :
( اتصلوا بي ، اسالوا عني ، تفرغوا من أجلي ، امنحوني أولوية في حياتكم لا يهم ماهي الظروف )
ونسي واجبه في مهمات كثيره أولها عدم مراعاة ظروف البشر .
لذلك هذه اللغة التي يتبناها البعض من المثالية الزائفة ماهي الا رواسب نفسية تجاه أولئك المبادرون بالرسالة . ونقول لهم شكرًا على رسالتكم وشكرا على تذكركم لنا وشكرا كذلك على اختيار أسمائنا ضمن المضافين والمباركة لنا بالعيد مهما كانت المدة والزمن نحن نعذركم ونقدر حرصكم .
وليعلم المنتقدون أنه وبلا شك كل إنسان لديه رسائله الخاصة وتواصله الخاص واتصالاته المباشرة وهذا حق شرعي يمارسه الشخص حسب ما يراه واجباً تجاه الاخرين . فلن تكون مخاطبة الأب أو الام أو الاخ أو القريب والقريب جداً مثل أولئك الذين نحبهم بلا شك ونسعد بتواجدهم ولكننا أيضا نخبرهم لستم أولوية دائماً . هذه العلاقة هي الاصلح والأنفع للجميع ، وحينما تتوفر لدى الانسان فسحة الوقت فالواجب عليه فعلاً التواصل المباشر والزيارة والواجب على المنتقد أن يحترم هذا المجيء وإن طال .
ما بعد الكلام ...
هناك الكثير من المشاعر والاحترام والمحبة والوفاء في قلوب لا نعرفها ونظن أنها لا تبادلنا المشاعر . والحق أنهم أكثر منا محبة ، فلنترك تلك الحبال ممدودة بالود والعطاء ونحترم غيابهم فلربما غابت شمسنا عنهم وكانوا أول الحاضرين .
عيد سعيد
* كاتب و قاص