الحياة ليست منهج
بقلم الكاتبة / فاطمة محمد الفضل.
كثير ما نسم بأن الحياة مدرسة، وذلك ما يعني بأنها ليست منهجاً دراسياً يمكن أن ندرسه ونتفوق في مقرراته الدراسية، حفظ ومن ثم تطبيق، وهي كذلك ليست قوانين فرضية يجب على الفرد أن يطبقها لينجح ويصل إلى أعلى المراتب، ونعني أعلى المراتب ليست فقط الدراسة والوظيفة وجمع المال والبذخ والترف والنعيم بالدنيا، وإنما هي أيام تمر بنا يُعلم الأنسان نفسهُ بنفسه ويطور فكرهُ وعقله من المواقف التي يعيشها ويمر بها ويشاهدها، وأن يتعلم منها وإن اخطأ يجب عليه النهوض، ولكن عليه أن لا يقع بالخطأ مرة اخرى، كما قال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام (لا يُلْدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين)، وهذا الحديث مثالاً للمؤمن وما ينبغي ان يكتمل به من كياسةٍ وسياسةٍ، ويقظة وحزمٍ؛ فإنَّ نقصًا في دين المرء وعقله أن يكون أبْلَهً مُغفَّلًا، خَدْعةً للخادعين، وطُعْمَةً للطامعين، فكما يقال "العقل حاكم والمال محكوم عليه"، وأيضاً "إن القانون لا يحمي المغفلين".
هناك من صنعوا الثروة من الصفر، كانت مجرد فكرة جديدة، هؤلاء استخدموا العقل والذكاء وتعلموا من الحياة واكتسحوا العالم وكسبوا المليارات ومازالوا، وهناك من امتلكوا المال في بداية حياتهم وأضاعوا كل شيء، ربما لأن هذا المال لم يتعبوا في جنيه أو الحصول عليه، وقد أضاعوه من خلال عقولهم الشاردة، التي أضاعت المال وأضاعتهم حتى وأن كانت شهاداتهم عالية ومرموقة ، ليس كل من درس وحصل على الشهادة أصبح مثقفاً وواعياً، نعم متعلم ولكن الثقافة الاجتماعية والعقلانية والحياة تحتاج الى وعي مختلف، ودراية وخبرة في الحياة.
العقل هو القادر على التنظيم والترتيب والتخطيط والتنسيق والرقابة، وحسن الاستثمار والإبداع وكذلك الابتكار والإدخار والتأمين، حيث أن الإدارة السليمة لحياة الشخص هي الإدارة القادرة على اعتراض المشكلات الآنية والمعترضة والفجائية بعقلانية وحكمة، فالحكيم هو واسع العلم والاطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها، فلابد للإنسان أن يتعلم من أيامهُ التي تمضي، فالحياة لا تشبه الاختبارات المدرسية أو الجامعية.. لا توجد إجابة صحيحة وأخرى خاطئة فهناك إجابات إبداعية يخلقها الانسان بنفسه.. لا توجد إجابات نموذجية أو قوالب ثابتة عليك الالتزام بها كي تنجح.. لذلك ينبغي ألا يعتمد الإنسان على المعارف الموجودة عنده فقط كي يقرر ما هو الأنسب، بل عليه أن يطور أدواته ومعارفه، وأن يستوعب المتغيرات التي تحدث في حياته.
ومن وجهة نظري أرى بأن الدراسة مهمة لأنها تعطينا المعارف الأساسية والثقافة العامة كي نفهم العالم من حولنا، وهي تذكرة العبور للمستقبل الذي نريد، ولكن هذا ليس كافيا للنجاح بل علينا أن نستمر في تطوير ذواتنا وتنمية عقولنا ومفاهيمنا.