أطوارًا
بقلم الكاتبة /سلوى بادبيان*
طورًا بعد طور
خلقنا الله هكذا مراحل منتقلة نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم كسى العظام لحما ثم طفلا صغير يعتمد في كل تصرفاته على والديه
ثم طورا جديد إثر طور
يكبر الطفل ليصبح فتى يتلمس الخطوات الأولى في الحياة بالتعلم فيسير خطوات من العثراث ليتعلم منها المسير بشكل صحيح بعد أن كان يحبي أصبح يمشي بخطوات واثقة مراهق متهور ثم شاب متزن ثم ناضج عاقل لتبدأ الانتكاسة من جديد في مراحل الشيخوخة حتى يصل إلى أرذل العمر
سبحان من أحسن كل شيء خلقه
تأملت مراحل خلق الإنسان لأجد هي ذاتها مراحل تجاربه في الحياة طورًا بعد طور
فشل يتبعه نجاح وحزن يعقبه الفرح أو العكس
حتى تنضج عاطفيا و نفسيا يجب أن نمر بأطوار عدة
فلولا الغربة و الوحدة ما عرفنا حلاوة الإجتماع
لولا خذلان القريب أوالصديق ما تمسكنا بذلك الوفي النادر
لولا المرض ما حمدنا الله على نعيم العافية
لولا مرارة الألم الذي تذوقنا لما تلذذنا بحلاوة الأمل
فنهاية كل قصة هي ولادة لأطوار جديدة من قصة تجدد الحياة بداخلنا
فما الحياة إلا أطوار عدة كلما ظننا أنها إكتملت بدأت بالنقصان لنعرف معها أنها دنيا فانية
كلما غربت الشمس واشتد غسق الليل لاح الفجر من جديد وتنفس الصباح بالشروق
فإن ما تتطلع له نفوسنا البشرية من نعيم لا يفنى وراحة لا تزول إنما يجد في وطن مختلف خُلقنا لأجله لذلك نحن الآن نعاني مرارة غربة كبيرة نمر معها بإختبارات عظيمة و الفائز من عبر كل طور ودينه سالم من التصدع ، وقلبه معلق بالخالق
أما التكسر فهو طور لا بد عيشه حتى يأتي طور الجبر بعده
وأما الحزن والكبد والألم فهي ما جبلت عليه الدنيا لنتذوق بعدها أطوار من الفرح والراحة الأمل
ونبقى في اشتياق دائم إلى موطن الراحة والنعيم الأبدي
متقلبة دنيانا لا ثبات فيها على حال
الذي يجب عليه أن يبقى ثابتاً بين كل تلك الأطوار المختلفة هو القلب الذي ينبض داخل الإنسان الذي عاش الحياة بين أطوار خلقه وأطوار مشاعره
حياة يختبر فيه ذلك الذي ينبض يسار صدرونا كيف هو ثباته
وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يكثر من دعاء
( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)