قبس التنزيل من هدايات المفصل (٢)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
أكمل مابدأت وأقتبس من نور المفصل تدبر هدايات سورتي الطور من تفسير السعدي رحمه الله تعالى وآواخر سورة النجم من المختصر في التفسير فأقول بعون الله قال السعدي :[ رحمه الله تعالى] في تفسير تفسيرقوله تعالى:
( وَالطُّورِ )
الطور (1)
يقسم تعالى بهذه الأمور العظيمة، المشتملة على الحكم الجليلة، على البعث والجزاء للمتقين والمكذبين، فأقسم بالطور الذي هو الجبل الذي كلم الله عليه نبيه موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، وأوحى إليه ما أوحى من الأحكام، وفي ذلك من المنة عليه وعلى أمته، ما هو من آيات الله العظيمة،
ونعمه التي لا يقدر العباد لها على عد ولا ثمن.
( وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ )
الطور (2)
{ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ } يحتمل أن المراد به اللوح المحفوظ، الذي كتب الله به كل شيء، ويحتمل أن المراد به القرآن الكريم، الذي هو أفضل كتاب أنزله الله محتويا على نبأ الأولين والآخرين، وعلوم السابقين واللاحقين.
( فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ )
الطور (3)
وقوله: { فِي رَقٍّ } أي: ورق { مَنْشُورٍ } أي: مكتوب مسطر، ظاهر غير خفي، لا تخفى حاله على كل عاقل بصير.
( وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ )
الطور (4)
{ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ } وهو البيت الذي فوق السماء السابعة، المعمور مدى الأوقات بالملائكة الكرام، الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك [يتعبدون فيه لربهم ثم] ، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة وقيل: إن البيت المعمور هو بيت الله الحرام، والمعمور بالطائفين والمصلين والذاكرين كل وقت، وبالوفود إليه بالحج والعمرة.
كما أقسم الله به في قوله: { وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } وحقيق ببيت أفضل بيوت الأرض، الذي قصده بالحج والعمرة، أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، التي لا يتم إلا بها، وهو الذي بناه إبراهيم وإسماعيل، وجعله الله مثابة للناس وأمنا، أن يقسم الله به، ويبين من عظمته ما هو اللائق به وبحرمته.
( وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ )
الطور (5)
{ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ } أي: السماء، التي جعلها الله سقفا للمخلوقات، وبناء للأرض، تستمد منها أنوارها، ويقتدى بعلاماتها ومنارها، وينزل الله منها المطر والرحمة وأنواع الرزق.
( وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ )
الطور (6)
{ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ } أي: المملوء ماء، قد سجره الله، ومنعه من أن يفيض على وجه الأرض، مع أن مقتضى الطبيعة، أن يغمر وجه الأرض، ولكن حكمته اقتضت أن يمنعه عن الجريان والفيضان، ليعيش من على وجه الأرض، من أنواع الحيوان وقيل: إن المراد بالمسجور، الموقد الذي يوقد [نارا] يوم القيامة، فيصير نارا تلظى، ممتلئا على عظمته وسعته من أصناف العذاب.
هذه الأشياء التي أقسم الله بها، مما يدل على أنها من آيات الله وأدلة توحيده، وبراهين قدرته، وبعثه الأموات
( إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ )
الطور (7)
{ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } أي: لا بد أن يقع، ولا يخلف الله وعده وقيله.
( مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ )
الطور (8)
{ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ } يدفعه، ولا مانع يمنعه، لأن قدرة الله تعالى لا يغالبها
مغالب، ولا يفوتها هارب، ثم ذكر وصف ذلك اليوم، الذي يقع فيه العذاب.] إلى هنا انتهى كلامه (رحمه الله تعالى) اللهم قنا عذاب يوم تبعث عبادك آمين وأناقة لتدبر أواخرسورة النجم كما جاء في المختصر في التفسير فأقول بعون الله تعالى:
﴿أَزِفَتِ الآزِفَةُ﴾
[النجم: ٥٧]
اقتربت القيامة القريبة.
- المختصر في التفسير
﴿لَيسَ لَها مِن دونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ﴾
[النجم: ٥٨]
ليس لها دافع يدفعها، ولا مطلع يطلع عليها إلا الله.
- المختصر في التفسير
﴿أَفَمِن هذَا الحَديثِ تَعجَبونَ﴾
[النجم: ٥٩]
أفمن هذا القرآن الذي يُتْلى عليكم تعجبون أن يكون من عند الله؟!
- المختصر في التفسير
﴿وَتَضحَكونَ وَلا تَبكونَ﴾
[النجم: ٦٠]
وتضحكون منه استهزاءً به، ولا تبكون عند سماع مواعظه؟!
- المختصر في التفسير
﴿وَأَنتُم سامِدونَ﴾
[النجم: ٦١]
وأنتم لاهون عنه، لا تبالون به؟!
- المختصر في التفسير
﴿فَاسجُدوا لِلَّهِ وَاعبُدوا ۩﴾
[النجم: ٦٢]
فاسجدوا لله وحده، وأخلصوا له العبادة.
- المختصر في التفسير
نعم إنما خلقنا السجود والعبادة المخلصة لله سبحانه كي يؤمنا فهو المؤمن تعألى يوم الفزع الأكبر ومن إعجاز القران تحدثه عن الترغيب والترهيب الترغيب فيما عنده من نعيم مقيم والترهيب من عذابه في هاتين الصورتين في أول الطور وآخر النجم على التوالي فهلا اتعظنا بذلك الأمر واتخذناه عبرة لكل متبصر معتبر ؟! .
* بكالوريوس الآداب تخصص الدراسات الإسلامية جامعة نورة بنت عبدالرحمن باحثة ماجستير في القران الكريم وعلومه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض