نحو مجتمع أرقى .. العصا والجزرة
بقلم : د. نجوى مرضاح المري *
مشهد محفز تداولته وسائل التواصل الاجتماعي لمدرس أعطى كل تلميذ من تلاميذه في صف من الصفوف الأولى دراجه. قد يرى البعض هذا الأمر عجيبا وغير متعارف من قبل، وقد يراه الآخرون لا شيء أكثر من أستاذ يكرم تلاميذه. بغض النظر عما يتداوله البعض، هذا الأستاذ بشهادة الأغلبية ضرب أروع المثل في آلية علاقة المدرس بالتلاميذ وهذا ما نحتاجه في مجتمعنا بالفعل.
نعم، هذا ما نحتاجه لتغيير مفاهيم عشناها لسنوات حفرت في مخيلتنا العقاب قبل الثواب والخوف من العقاب أكثر من الطموح لنيل الثواب.
مسألة الثواب والعقاب كمحفز لفعل سلوكيات مرغوبة والابتعاد عن الغير مرغوبه مسألة قديمة شُرّعت منذ قدم آدم عليه السلام.
هناك علماء في السلوك الإنساني والتنظيمي قدموا نظريات كثيره من ضمنها نظرية العصا والجزرة. نظرية العصا والجزرة نظرية مهمة وقديمة ولكن إلى يومنا هذا وهي محل جدل فقد حاول علماء في دراسات مختلفة أن يكتشفوا هل فعلا ما يدفع الناس باتجاه سلوك معين هو مفهوم «العصا والجزرة» أو، بكلمات أخرى، طمعا في الثواب أو خوفا من العقاب أم لا؟ انتهت الدراسات ألى آراء مختلفة منهم من يؤيد المفهوم ومنهم من يخالفه تماماً، ومنهم من قال أن مفهوم الثواب والعقاب قد يحدد السلوك الإنساني، ولكن داخل كل إنسان قوى داخليه مختلفة عن غيره تدفعه لفعل سلوك معين وبإبداع وتألق وكيفية تحفيز هذه القوى الداخلية هي أهم من العصا والجزرة أو استخدام الثواب والعقاب.
إن ما فعله الأستاذ النبيل يتعدى مفهوم العصا والجزرة إلى ترسيخ مفهوم العلاقة الحميمة بين الأستاذ وتلميذه. نعم ، ما نحتاجه هو التدريس بحب لتحفيز طلابنا على العطاء والإبداع. التعامل بحب لا يقتصر على الأستاذ و تلميذه بل الرئيس ومرؤوسه والأب وابنه. الحب يفجر القوى الداخلية لجعل الفرد مبدعا، معطاء وقادرا على بناء مجتمع ارقى.
*دكتوراه إدارة عامة وموارد بشرية