غيمة المزن
بقلم الكاتبة / تهاني الصمعي *
عندما تُغلق كل الطرق المؤدية للحياة يظهر الطرف الموازي لهذا العجز بأمل ضئيل وهو يلوّح براية الا مكان والالتفاف من وراء العجز لتمرير بعض الآمال ،
غريب هو حال بعض البشر، كيف ممكن أن يكون بمكانه عاجزا عن التقدم وعاجزا عن التراجع
محاصر بفكره المخذول دائماً، وكآبة نفسه يقف متسمر دون أدنى حراك، انه العجز المطلق أو مايسمى التجرد الكلي للحياة
كأنها تقف في أرض قاحلة متجرده، لم ينبت فيها سوى الأشواك وبعض الأعشاب الضارة،
تنظر للسماء كما هي لم تتغير مازالت حالكة الظلمة كثيفة الغيوم المشحونة باليأس
ما زالت تنتظرها أن تتغير، او تظهر لها بعض الأمال
ألتفتت ورائها وإذا بنور خافت يظهر لها ثم يتلاشى، تمعن النظر فيها هناك بصيص أمل، اقتربت خطوات منها حتى استوضحت له الصورة
يدان ترتفعان للسماء تطرق باب الرجاء صوت هز السماء،
أن افتحي لها الأبواب
فارتفعت اليدين للسماء أكثر، ألحت بالدعاء فبدأت الغيوم بالتلاشي رويدا رويداً،
فتحت لها أبواب السماء، ورجت الأرض بالدعاء فظهرت لها غيمة بيضاء فستبشرت بها خيرا، هلمي علي من مطرك وازجلي لي من غيثك
ولكني مازلت انظر لليدين الاتي فتحت لهما السماء وتدفق المطر للأرض القاحلة فأنبتت أمل الحياة للحياة
نعم اعرف تلك اليدين وتلك التجاعيد التي ترسم لي امل الطريق
إنها يداي أمي في ظلمة الليل الطويل.....
تلك أمي التي لم تكف عن الدعاء في ظلمة الليل الصريم
نزل الغيث من غيمة المزن فرويت نفسي وأزهرت ورودي،
مطرا خفيف يداعب جلبات نفسي وروحي،
فتحت يداي، ووجهي للسماء، افاضت عيناي بالدموع، والمطر اللطيف يتسلل إلى كل أنحاء جسدي ليتحلل اليأس عني وينجلي قلبي من النظرة السوداوية للحياة
اغتسلت من ماءها الطهور، حتى ارتوت روحي ونبتت من تحتي الأرض،
نفضت عني تراب العجز واليأس ومشيت في أرضي الخضراء المفعمة بالحياة
أقبلت على شجرة زيتونية خضراء مشبعة ذات لمعة براقة كاد زيتها يضيء المكان من اول ثمرة تقع عليها عيني ، راودني الفضول بأن استمر بالنظر الى ذلك الغصن الذي ارى انفته وشموخه وافتخاره بثمراته الجميلة ، انها اخلاق الاشياء الراقية واخلاق مخلوقات الله التي تعبر عن العطاء وذخائر الكون وتفاضل الاشياء بموازاة ضروريات التعايش ،
نعم / كل ما حولنا مثمر تعلوها انسانيتها يا سادة ، نحن والمخلوقات كلها بتناقضنا وتوافقنا وحسيّاتنا والشعور ممارسين للحياة كما ينبغي لنا ان نبقى ،