جدران مكشوفة
بقلم الاخصائية النفسية / خلود الحارثي
ضحك الجميع واستمتع بمحتوى ما وصل إليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حين يتسابق الكثير على تداولها وتصعيدها على منابر الشهرة والتقليد ،ليتخذ عنوانه طوال الأسبوع حديثاً في الوسائل والمجالس واللقاءات العائلية ،وحين يشاهد الاطفال منهم في عمرهم الجميل يلقون استحسان كبير وابتسامات عريضة من قبل نماذجهم الكبيرة والقدوة كالوالدين والأخوة وبقيت من يرونهم كنماذج يحتذى بهم في عالمهم الصغير ،ولكن وفق المحتوى المتداول هناك اشياء مضرّه أكثر من كونها لقيت اعجابهم واصبحوا نجوماً على اثرها! ويتلقون دعوات مبهره للإعلان أو أن ينضموا إليها في فقراتهم اليومية لزيادة اعداد المتابعين والمعجبين ،دون معرفة التبعات النفسية والاجتماعية لهؤلاء الاطفال. حيث منهم من يتعرض للأذى النفسي وإلى اشكاليات كثيره سواء بالمدرسة مع اقرانه أو غيرهم. للطفولة خصائص حساسة ينبغي بنائها على نحو أفضل وتعلم المفيد لا أن يصبحوا ذو استعراض وعرضة للسخرية ولحديث المجتمع الذي بأطيافه قد لا يتفق بخصوص التقديم المفيد من هذا الطفل. الطفل من حقه الحماية والأمان النفسي لا تعريضه لمثل تلك الأمور بشكلها السلبي ،طفلك اغلى ما تملكه اغرس فيه القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة. نشاهد كثير من المقاطع المحزنة من فتيات صغيرات يبدأن باستعراضات راقصه ومسابقات تنافسيه في ذلك وهناك من تضع المساحيق التجميلية والبدء بتقليد اعمى لمن يتصارعن للشهرة. ودور الأم الواعية في هذه المرحلة مهمة جداً حيث عليها أن تنمي في طفلتها حب الانتقاء الجيد وفق دينها وسنها ومعايير المجتمع المحيطة بنا في السلوك السليم الذي يتوافق بتركيبته المحافظة وقبل ذلك والمهم هو أن تعيش الطفلة مرحلتها العمرية بشكل متوافق. فنشوء الطفل في هذا الجو واقحامه في صراعات اعلاميه تؤثر عليه سلباً في المستقبل.
ولو ألقينا النظر بشكل عام على بعض الحسابات بالتواصل الاجتماعي لوجدنا أن تأثيرها بالنفوس بالغ. وبين فترة وأخرى نصدم بأخبار اسرية تعرضت لمشكلات كبيرة والسبب يكون مباشر وغير مباشر لمتابعة تلك الحسابات أو نشوئها من احدى أفراد الأسرة. وهناك تأثيرات نفسية يتأثر الجسد بها تلقائياً دون إدراك منا في حزن أو استياء أو سعادة لمن نتابعهم. اصبح الوضع الآن بلسان الحال قُل من تتابع لأقول من أنت!
ربما يلاحظ بعضكم كثرة الحديث عن هذا الموضوع مما سبب نفوراً من تلك النصائح من الكتّاب أو المختصين ولكنها بالفعل اصبحت تلك الوسائل عبارة عن جدران إلكترونية كاشفة لكثير من المنازل ويكشف فيها الخصوصية والعمومية على الملأ دون أي تحفظ أو ابقاء معنى من معاني الخصوصية الشخصية والاسرية!
وقد يهاجمنا البعض من هذه النقطة ليراها مسألة مصداقية وشفافية من الحساب الذي يتابعه ويتقمص ادواره الدفاعية دون أن يفصل شخصه وفكره عن ذلك.
الأسرة لها كيانها وخصوصيتها ولكل فرد فيها حق الخصوصية داخلها. والمنزل له جدرانه المتينة التي لا تنكشف بحقائقه عند الناس. لا تعرضوا استقراركم لمثل تلك الوسائل واخلقوا جو الثقة والهدوء في نفوسكم وابنائكم.
والقانون الذي فرضته حقوق الانسان مؤخراً بما يخص شهرة الطفل السلبية خطوة جيده لردع من هم على جهل بخطورة هذا الوضع على الطفل واستغلاله دعائياً. ولنتعلم أن لكل شيء سلاح ذو حدين.. إما ينقذك أو يهلكك.
* كاتبة، عضوة ، رابطة كاتبات الغد