[FONT=Arial][SIZE=6][B][COLOR=#0024FF][CENTER] الموروث الحضاري والمشكلات المعاصرة[/CENTER] [/COLOR][/B] [/SIZE][/FONT]
[JUSTIFY][COLOR=#080804][B][SIZE=5][FONT=Arial]
بقلم :- الدكتور / هاني المطارنه [COLOR=#FF1F00]*
[/COLOR]
بداية أسوق هذه الوصية لإعرابية عاشت في الحقب الغابرة،هي أمامة بنت الحارث زوجة ملك كندة الحارث بن عمرو،حيث تضع خبراتها التربوية بقالب قيمي اشتمل اتجاهات الأهداف التربوية ،المعرفية العقلية،والوجدانية القلبية،والأدائية النفسحركية ، وتوصي ابنتها ليلة زفافها قائلة:
يا بنية: إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو لتقدم حسبٍ؛ لرويت ذلك عنك ولأبعدته منك، ولكنها تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل
أي بنية: لو استغنت امرأة عن زوج بفضل مال أبيها لكنت أغنى الناس عن ذلك؛ ولكن للرجال خلقنا كما خلقوا لنا
أي بنية: إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجت والعش الذي فيه درجت إلى وكرٍ لم تعرفيه وقرين لم تألفيه،أصبح بملكه عليك ملكاً،فكوني له أمة يكن لك عبداً،واحفظي عني خلالاً عشرة يكن لك ذكراً وذخراً:
أما الأولى والثانية: فالصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة؛ فإن القناعة راحة القلب، وفي حسن المعاشرة مرضاة الرب.
وأما الثالثة والرابعة: فالمعاهدة لموضع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح، واعلمي يا بنية أن الكحل أحسن الحسن الموجود، والماء أطيب المفقود
والخامسة والسادسة: التعاهد لوقت طعامه، والتفقد لحين منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص حاله مكربة
وأما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ ببيته وماله، والرعاية لحشمه وعياله؛ فإن حفظ المال أصل التقدير، والرعاية للحشم والعيال من حسن التدبير
وأما التاسعة والعاشرة : فلا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً؛ فإنك إن أفشيت سره لم تأمن غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره
واتقي مع ذلك كله الفرح إذا كان ترحاً، والاكتـئـاب إذا كان فرحاً؛ فإن الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً، وأشد ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك مرافقة
واعلمي يا بنية أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك، وتقدمي هواه على هواك فيما أحببتي أو كرهت،والله يضع لك الخير.
وأقول للذين تزدري أعينهم الموروث الحضاري للأمة،ويصفون ممن يجعلونه مصدراً ثانوياً للفكر التربوي،بأنهم رجعيون أو ماضويون يريدون أن يُعيدوا الأمة إلى سالف العصور: ليتأملوا كلام هذه الإعرابية التي لم تعش عصر الحاسب الآلي والأقمار الصناعية،حيث إن الناظر للإحصائيات الصادرة عن دوائر الاختصاص يذهل لنسب الطلاق العالية جداً في مجتمعاتنا الإسلامية، وسوف يجد بكلام هذه الإعرابية التي كانت تعيش في بيت تخفق الأرياح فيه ، قيماً تربوية لا يعدم فيها التربية الوقائية لمثل هذه المشكلة.
وبإقرار أنه ليس للموروث الحضاري تلك القدسية كما للمصدرين الأساسين لمعارف الوحي الإلهي،إلا أنه يبقى مصدراً ثانوياً نجد فيه السمين الذي يجب العمل على تنميته للإفاده منه في مستجدات عصرنا.وأختم متمنياً على كل أم لو تضع مع هديتها لابنتها بليلة زفافها هذه الوصية
[COLOR=#FF1700]* أستاذ بقسم التربية وعلم النفس بكلية العلوم والآداب للبنات بالخفجي ( جامعة الدمام ) سابقًا .[/COLOR]
[/FONT][/SIZE][/B][/COLOR][/JUSTIFY]