حينما خُلعت القصيدة مني..!!
بقلم الأستاذ / خالد حمد العبيد *
كانت القصيدة بالنسبة لي كمومس فاتنة الجمال تتعرى لي بعد منتصف الليل لتكشف لي خفايا تفاصيلها وتنتزع ملابس الظروف منها فنتسامر على أجمل مساءات تكون المشاعر فيها فياضة جياشة كطوفان يدمر كل شيء بل ويقتل الكائنات التي يغمرها.
كان الحديث يدور حول العشق وأشياء أخرى تضطرنا للسهر حتى تنبثق خيوط الصباح الأولى فترتبك القصيدة خوفاً من أبوها الشعر وتلملم ما تبقى من ملابسها هاربةً إلى حيث لا أعلم.
كنت أعيش أجمل الليالي بصحبة القصيدة وكان شرع الشعر لا يجيز الجمع بين قصيدتين في ليلة واحدة فقد كنا كقساوسة لا ترى التعدد في الزواج.
لم أكن أتوقع أن يكون فراقي للقصيدة قسرياً ومشيناً إلى أن أصدرت محكمة القضاء والقدر حكم خلع يجبرني على تطليق القصيدة للأبد والحكم للقصيدة بحضانة الكلمات والحروف وانتزاعها مني وإجباري على الرحيل عن عالم القصيدة الجميل لتعيش هي وبناتها الكلمات وأولادها الحروف بعيداً عني إلى حيث لا مكان أعرفه ولا زمان ألتقيه فيها.
لقد كان حكم القضاء والقدر قسرياً و قاسياً علي مما جعلني أحاول وأحاول أن أتوصل لمعرفة سبب الخلع وبعد محاولات أخبروني بالسبب والذي جاء كالصاعقة على مشاعري لقد كان السبب هو أني أتعاطى كوكائين الحب بشراهة أوصلني لمرحلة الإدمان مما جعلني لا أستطيع أن أوفي القصيدة حقها ولم يكن هذا هو السبب فحسب بل ألقوا تهمة البغي على القصيدة لأنها كانت قد أغرت شعراء قبلي ولن تتردد بإغراء شعراء بعدي.
لقد مضى على طلاقي القسري وخلع القصيدة مني عشرون عاماً عشتها مترددا على طاولة محكمة القضاء والقدر مطالباً إرجاع القصيدة لي حتى وإن كانت مومساً بغياً تخونني مع شعراء غيري.
لم أطق الحياة بدون القصيدة وللأسف أن القصيدة ابتسمت بعدي وعاشت حياتها الاعتيادية بسعادة تتنقل من حضن شاعر إلى آخر وقد حملت سفاحا من أكثر من شاعر غير مكترثة بشخص خلع منها يقال له خالد.
* شاعر وكاتب ، بكالوريوس لغة عربية
1 ping