دكتور مطعم
بقلم الدكتور / عثمان عطا *
دارَ حوار بيني و بين أحد الأصدقاء حول الإستثمار !
فقال لي لا تتعب نفسك ، إن افضل الإستثمارات هو الإستثمار في الغذاء !
وبالتحديد في المطاعم !
فقال لي ساخراً :
ما رايك في افتتاح مطعم ؟
ابتسمت مفكراً فيما قاله !!
ثم كرر السؤال : هل يمكن ان تفتتح مطعماً وتجلس لتبيع فيه ؟ فابتسمت مرة اخرى !
وقلت له :
دكتور مطعم !!
فكرةٌ جميلة ،،
اسم المطعم : دكتور مطعم .
نبيع فيه اصناف علميه ، شكشوكة المعرفة ، و كبدة التعلم ، و ساندويتش اينشتاين ( مخ) ، ومشويات القيم متبلة ببهارات السلوك ، وملح المعارف ، وهيل المهارات !
نقدم فيه عصيرات الجودة الطازجة ، ممزوجة بأفضل مكونات كايزين ، ونقدم فيها حلويات من افضل انواع السكر المكررة بعنابة بأفضل اساليب الأداء ، بأيدي افضل ما تم اختياره من الموارد البشرية والذين تم اختيارهم بأفضل معايير الأداء وأحدث وسائل الإختيار والتعيين . .
ولن ننسى في ( دكتور مطعم) إستخدام أفضل المكونات الصديقة للبيئة ، بأدوات يمكن إعادة تدويرها.
*كان الحديث مجرد حديث وفكرة قد راقت لي وله ، و ربما تروق لاآخرين ، ويمكن ان تكون فعلاً وفقاً لاحدث المطاعم المحلية.
وفق أحدث أساليب إستراتيجيات التعلم.
قد يبدو الحديث ساخراً أو مستغرباً لكني خُضت الحديث الطويل المفيد معه ، وأردت أن أستفيد من هذا الحوار !!! و أُفيد.
*يحتاج الإنسان إلى الغذاء ليحافظ على إستمرار حياته و يحافظ على تطوره و تقدمه الذهني و الجسدي ، و يمكن أن نقسم إحتياجات الإنسان في الحياة إلى ثلاثة أقسام : أولها البدنية :
و فيها يحتاج الإنسان إلى العناصر اللازمة لتوفير الحياة له ، فهو يحتاج إلى الغذاء الصحي الذي يحتوي على المعادن ، و البروتينات وغيره .
و ثاني تلك الإحتياجات من الغذاء هو الغذاء العقلي:
و به يحافظ الإنسان على تفكيره و نشاطه الذهني و الإبداعي الذي يمكّنه من العمل بشكل مستقل ، و تفادي الأخطار ، و الإبداع في إيجاد الطرق التي يمكن أن يغذي بها بدنه و يوفيه إحتياجاته و يشبع مشاعره أيضاً .
و ثالث تلك الإحتياجات هو الغذاء الروحي :
و يكون بالعمل على تسامي المشاعر و الأفكار ، و الشعور بالقدرة الإلهية .
إن افضل انواع الغذاء الروحي والعقلي هو التعلم!!
التعلم هو عملية تلقي المعرفة و القيم والمهارات من خلال الدراسة أوالخبرات أو التعليم مما قد يؤدي إلى تغير دائم في السلوك ، تغير قابل للقياس وانتقائي بحيث يعيد توجيه الفرد الإنساني ويعيد تشكيل بنية تفكيره العقلية
بإعتبار مصطلح التعلم مرتبط بالتربية ، فتجميع التعاريف حول مفهوم التربيةهو :
كل فعل يمارسه الشخص بذاته يقصد من ورائه إكتساب معارف ومهارات وقيم جديدة تساعده على تنمية قدراته علي الاستيعاب والتحليل والاستنتاج
لهذا يجب التفريق بين مصطلحي التعليم و التعلم ، فهما متلاصقان لدرجة الخلط بينهما .
التعليم عملية يقوم بها المعلم لجعل الطالب يكتسب المعارف والمهارات وبصيغة بسيطة :
المعلم يمارس التعليم والطالب يمارس التعلم.
من منا لايحتاج الى التعليم و التعلم فهو أداة الإنجاز ولن أقول نجاح لوجود بعض الناجحين الغير متعلمين.
لديهم التجربة والخبرة والقدر العالي من التعلم وليس من التعليم .
لديهم المعرفه ببعض جوانب الحياة دون غيرها ..
فالمعرفة هي أن تعرف أن الطماطم أحد أنواع الفاكهة أما الحكمة فهي ألا تستخدمها في سلطة الفواكه .
انا اعي تماماً أن أفكار الأعمال والمشاريع بالنسبة لوقتنا الراهن هي الانسب والمطعم انسبها !
وأعي تماماً الطريقة التي يمكن من خلالها أن أفتتح مطعماً لكنها ليست مهنتي و خبرتي أيضاً .
فالتخصص علاقة وثيقه بالإنجاز ، لأن الزعم بالقدرة على أن يكون الشخص في جميع مساحات العمل والزعم بالمقدرة على إنجاز جميع المهام هو أول مؤشرات الخطر في إنهيار دنيا الأعمال !!
" إن عدم التميز بين الشمولية في التصور والتخصص في التطبيق والانجاز هو أحد أسباب ضعف الأداء وقلة الإتقان "
فَبِناء ثقافة التخصص من أهم مداخل العمل المؤسسي .
اذاً التحدي الحقيقي لايكمن في المعرفة فقط ! بل في التطبيق والقدرة على الفصل بين النظرية و التنفيذ .
وهنا أختم بقصه
تعطّل محرك سفينة عملاق
فاستعان أصحاب السفينة بجميع الخبراء الموجودين ،
لكن لم يستطع أحد منهم أن يعرف كيفية إصلاح ذلك المحرك ..
ثم أحضروا رجل عجوز يعمل في إصلاح السفن منذ أن كان شابا ، جاءَ يحمل معه حقيبة أدوات كبيرة ،
وعندما وصل باشر في العمل فوراً .
فحص المحرك بشكل دقيق ، من القمة إلى القاع ،
و كان هناك اثنان من أصحاب السفينة يراقبان عمله ؛
راجين أن يكتشف مشكلة المحرك و إصلاحها .
بعد الإنتهاء من الفحص ، ذهب الرجل العجوز إلى حقيبته وأخرج مطرقة صغيرة ، وطرق طرقة واحدة على جزء من المحرك ، فبدأ المحرك بالعمل دون أي مشاكل و بعناية أعاد المطرقة إلى مكانها
و بعد أسبوع استلم أصحاب السفينة فاتورة الإصلاح من الرجل العجوز ، و.كانت ألف دولار !
أصحاب السفينة هتفوا : “هو بالكاد فعل شيئاً”
فكتبوا للرجل العجوز رسالة تقول “رجاءاً أرسل لنا فاتورة مفصلة.”
أرسل الرجل الفاتورة كالتالي :
دولار واحد إيجار لليد التي طرقت بالمطرقة !
و تسعمئة وتسع وتسعون دولار لِمَعرفة المكان الذي تَطرُقُه !
الجهد مهم !! لكن معرفة الطريق الذي تبذل فيه ذلك الجهد في حياتك هو الفرق .