قبس التنزيل من هدايات المئين والمثاني (5)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
بعون الله تعالى أتناول تدبر أوائل سورة النحل وخواتيم سورة بني إسرائيل أو سورة الإسراء وفق تفسيري السعدي رحمه الله و المختصر في التفسير ( أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) النحل (1)
يقول تعالى -مقربا لما وعد به محققا لوقوعه- { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } فإنه آت، وما هو آت، فإنه قريب، { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } من نسبة الشريك والولد والصاحبة والكفء وغير ذلك مما نسبه إليه المشركون مما لا يليق بجلاله، أو ينافي كماله،
( يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ) النحل (2)
ولما نزه نفسه عما وصفه به أعداؤه ذكر الوحي الذي ينزله على أنبيائه، مما يجب اتباعه في ذكر ما ينسب لله، من صفات الكمال فقال: { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ } أي: بالوحي الذي به حياة الأرواح { عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } ممن يعلمه صالحا، لتحمل رسالته. وزبدة دعوة الرسل كلهم ومدارها على قوله: { أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فاتقون } أي: على معرفة الله تعالى وتوحده في صفات العظمة التي هي صفات الألوهية وعبادته وحده لا شريك له فهي التي أنزل الله بها كتبه وأرسل رسله، وجعل الشرائع كلها تدعو إليها، وتحث وتجاهد من حاربها وقام بضدها
( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) النحل (3)
هذه السورة تسمى سورة النعم، فإن الله ذكر في أولها أصول النعم وقواعدها، وفي آخرها متمماتها ومكملاتها، فأخبر أنه خلق السماوات والأرض بالحق، ليستدل بهما العباد على عظمة خالقهما، وما له من نعوت الكمال ويعلموا أنه خلقهما مسكنا لعباده الذين يعبدونه، بما يأمرهم به في الشرائع التي أنزلها على ألسنة رسله، ولهذا نزه نفسه عن شرك المشركين به فقال: { تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي: تنزه وتعاظم عن شركهم فإنه الإله حقا، الذي لا تنبغي العبادة والحب والذل إلا له تعالى، ولما ذكر خلق السماوات [والأرض] ذكر خلق ما فيهما.
[تفسير السعدي رحمه الله] والآن أنتقل إلى تدبر سورة الإسراء وفق ما ورد بالمختصر في التفسير وقبل ذلك أعرج على ذكر ما جاء في فضلها
- ما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال في بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء: (إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي). معناه: من أول ما أخذت من القرآن، شبهه بتلاد المال القديم، ومعناه: أن ذلك كان بمكة.
- عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ -وفي رواية: كان يقرأ كل ليلة- بني إسرائيل والزمر. رواه الترمذي و البيهقي. قال الترمذي: حديث حسن غريب.
﴿وَمَن يَهدِ اللَّهُ فَهُوَ المُهتَدِ وَمَن يُضلِل فَلَن تَجِدَ لَهُم أَولِياءَ مِن دونِهِ وَنَحشُرُهُم يَومَ القِيامَةِ عَلى وُجوهِهِم عُميًا وَبُكمًا وَصُمًّا مَأواهُم جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَت زِدناهُم سَعيرًا﴾ [الإسراء: 97]
ومن يوفقه الله للهداية فهو المهتدي حقًّا، ومن يخذله عنها ويضلّه فلن تجد - أيها الرسول - لهم أولياء يهدونهم إلى الحق، ويدفعون عنهم الضر، ويجلبون لهم النفع، ونحشرهم يوم القيامة يُسْحبون على وجوههم لا يبصرون ولا ينطقون ولا يسمعون، منزلهم الذي يأوون إليه جهنم، كلما سكن لهيبها زدناهم اشتعالاً.
- المختصر في التفسير
﴿قالَ لَقَد عَلِمتَ ما أَنزَلَ هؤُلاءِ إِلّا رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ بَصائِرَ وَإِنّي لَأَظُنُّكَ يا فِرعَونُ مَثبورًا﴾ [الإسراء: 102]
قال موسى ردًّا عليه: لقد أيقنتَ - يا فرعون - أنه ما أنزل هذه الآيات إلا الله رب السماوات والأرض، أنزلهن دلالات على قدرته، وعلى صدق رسوله، ولكنك جحدت، وإني لأعلم أنك - يا فرعون - هالك خاسر.
- المختصر في التفسير
﴿وَقُلنا مِن بَعدِهِ لِبَني إِسرائيلَ اسكُنُوا الأَرضَ فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ جِئنا بِكُم لَفيفًا﴾ [الإسراء: 104]
وقلنا من بعد إهلاك فرعون وجنوده لبني إسرائيل: اسكنوا أرض الشام، فإذا كان يوم القيامة أتينا بكم جميعًا إلى المحشر للحساب.
- المختصر في التفسير
هذا كتاب الله المعجز فيه العظات والعبر وأحسن القصص أنزل ليكون منهاج حياة ودستور أمة الإسلام والكتاب الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الكتاب الوحيد الذي لم يحرف فتمسكوا به تهتدوا وتغنموا وتنعموا بالهدى والتقى وسعادة الدارين
* بكالوريوس آداب دراسات الإسلامية ، باحثة ماجستير في القرآن الكريم و علومه