عامٌ رحل كيف ودّعناه؟ وعامٌ أقبل كيف سنستقبله؟
بقلم الأستاذة / غدي العيدي *
عامٌ انقضى جمع كل أطرافه ولملم كل ثيابه في حقائبه ورحل حيث لا عودة أبدًا، كما أنه لم ينس أن يودعنا حاملاً بين ثناياه كل الأحزان بما فيها من آلام وهموم وعبرات، وكل الأفراح بما فيها من ابتهاجات وضحكات، وكل الذكريات الجميلة والمؤلمة التي سكنتنا طيلة عام.. رحل عامنا بكل أفراحه وأتراحه، وليس ذلك فحسب أخذ معه أهم ورقة في حياة كل إنسان على وجه الأرض.. أخذ معه ورقة من أوراق العمر سواء أكانت ورقة هذا العمر جميلة زُينت بأجمل الألوان وكُتبت بأبهى الخطوط أو ورقة ممزقة مهملة عفى عليها الزمان.. فكما نفعل نحنُ بأوراق التقاويم كل يوم حين نقلبها إعلانًا منا ببدء اليوم الجديد.. هكذا تمامًا يفعل بنا العام يقلب سنوات أعمارنا وبكل الأحوال التي كنا عليها يتلقفها بين جوانبه مع باقي تفاصيل حياتنا وينصرم.. هو عامٌ أفل بكل ما فيه من خير وبكل ما فيه من شر، وليست العبرة بنقص البدايات ولكن العبرة في كمال النهايات هاهو العام الجديد يهلّ، وسنبقى نحنُ على طريق الحياة سائرين وعلى الدرب ماضين.. فهل فكّر كل واحدٍ منا كيف سيستقبل عامه الجديد؟ كيف سيستقبل عمره الجديد بكل أيامه ولياليه وشهوره المقبلة.. هل سنتعلم من خيباتنا وعثراتنا السابقة؟ وهل سنتخطاها؟ وهل سنُدرب أنفسنا على قفز كل حواجز المستحيل حتى نصل إلى ما نرمي إليه ونبتغيه؟
ربما تكون خسائرنا كبيرة بما كنا قد فقدناه إن كان صديقا أو حبيبا أو فقد عزيز سرقه الموت منا أو مال أو ولد وكم وكم خسرنا.. ولكن لا بأس لنتجاهل كل الأحزان لنضعها جانبًا وبما أننا لازلنا على قيد الحياة سنتجاوز كل الصدمات بشرط أن يستطيع كل منا أن يخرج من ُظلمة نفسه إن كان لازال متشبثا بأحبّال الماضي ومافيه من مآسٍ.. أما آن الوقت لنتجرد من كل ما يُضيق علينا الحصار في الحياة فأمامنا الكثير لنصنعه.. ابنِ اليوم ليس ما تريد بناءه بل ابنِ كل ما تستطيع بناءه فإنك بالغد لتحصد ثمارك عبر السنين.. كل ما علينا فعله أن نشد عزائمنا بالله أولاً ثم بأنفسنا ثانياً وسنكون ما نريده، أيغيب عنا قول الإمام ابن القيم" لو أن رجلاً وقف أمام جبل وعزم على إزالته لأزاله"
فلا تجعل فشلك السابق يحبطك ولا تجعله يكون كحجر العثرة الذي يحول بينك وبين نجاحك وتقدمك، امضِ ُقدمًا في هذا العام الجديد ثق بنفسك واسعَ فكل شيء بانتظارك؛ بانتظار أن تخطو خطواتك نحو التقدم، حتى عصافير الفرح وعنادل السرور تغرد لك، أما القناديل فتنتظر من يشعلها، فهل ستبادر وتشعلها لتضيء حياتك بأنوارٍ لا تنطفئ وتحرر نفسك من كل القيود؟
* كاتبة