الموت بنية الحياة!
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري *
تقول غادة السمان في إهداء روايتها (سهرة تنكرية للموتى/ موزاييك الجنون البيروتي): "إلى أولئك الذين أدمنوا الموت بجرعات صغيرة".
لقد أدركت "غادة" منذ 2003 م وهو تاريخ نشرها لهذه الرواية العظيمة، أن الموت تسبقه عدة ميتات، فكانت تلك الرواية بما تحمله من تساؤلات "مميتة" ليست إلا شهوة موت، بجرعة أقل من اليوم المحتوم المقدر في اللوح المحفوظ.
هذه الحياة، تحمل وجهين متعاكسين، أحدهما للبقاء، والآخر للفناء، غير أن الإنسان لا يمكنه التمركز بينهما في المنتصف المحايد بين البقاء والفناء، فلا يمكن لإنسان ما أن يعيش بنصف وجه مثلاً، والمرء الفطن هو الذي استطاع أن يحجز لنفسه مقعداً في وجه البقاء المتسع حتى حين، وما أتسع ذلك المرء الذي مازال يتجرع الموت حزناً وكمداً وخيبات متعددة حتى يفضي إلى ربه!
المخرج الوحيد لذلك الشخص التعيس هو أن الأعمال بالنيات، وعليه أن يعيش حياته بنية السعادة، مهما بلغ الحزن مبلغه، ومهما شعر أن سقوطه في هاوية الموت قد طال قبل ارتطامه بالقاع، لابد أن ينوي ويلوي على تلك النية، فربما صادفت وتحققت!
ألا يقولون في المثل الشعبي أن "النوايا مطايا"؟
لذلك ربما علينا أن نموت بنية الحياة! طالما أن هذا الحزن كائن لا مفر منه، وواقع لا محالة!
* كاتب