أنا ودانة الأمريكية
بقلم كاتبة / سلوى بادبيان *
كما الوهلة الأولى تأتينا شعور الظلمة والإختناق المميت و أسر الروح الغارقة في ملذات الحياة الملتهية بالتكاثر وترف الدنيا الفانية تبحث عن مخرج يعيدها لأصلها ويحررها من عبثها ويدلها على طريق النجاة
حين تصل لهذا الشعور عليك أن تترك كل شيء وتلبس لباس العبودية الصادقة وتتوجه الى مكة حيث تبعث الأرواح المتعبة من جديد
هكذا اعتدت منذ ولدت في الحياة حين تضيق بي الحياة رحلة الى مكة كافية لغسل روحي فأخرج منها وكأني ولدت من جديد فأتنفس الحياة بعدها بشكل أجمل ، ولكن هذه المرة كانت مختلفة جدًا لأول مرة حين أرى الكعبة أبكي بكاء مشتاق يراها لأول مرة أو بكاء مودع يخشى أن لا يعود كتلك المسنة المصرية التي رأيتها ذات مرة في صغري وهي تخرج من الحرم وترفض أن تعطي طهرها للكعبة تبكي وتسير عكس الناس تريد لعينيها أن يكون اخر عهدهما بالحرم رؤية الكعبة ظلت هذه الصورة عالقة بذهني حتى شعرت اليوم بإحساس مشابه لها ، يالله أي حب وضعته في قلوب المسلمين لهذه الكعبة المشرفة ،
وأنا أ سعى بين الصفا والمروة وأسمع دقات قلبي الموجوع والمثقل وأدافع دمعة عيني تارة وغصة في حلقي تارة أخرى تذكرت سيدتنا هاجر عليه السلام حين كانت في ذات المكان ولكنها وحيدة في صحراء خائفة تسير سبعًا بين الصفا والمروة تسأل الله أن ينقذها فلم يخذلها الكريم وبدّل حالها وخلّد قصتها وكان زمزم الحياة ، فأتاني شعور الواثق بالله سيبدل حالي ويسعد قلبي لم يقطع ذلك التأمل مع ذاتي الا صوت امراة تسألني وانا أقص شعري تتكلمي عربي ؟
فرددت نعم عربية أنا
ابتسمت فرحا وقالت أنا فلسطينية أمريكية اول مرة آتي الحرم ولا اعرف كيف أقص شعري هل يمكنك مساعدتي ؟
رحبت بها وقصصت لها ، ثم شدّت على يديّ وبكت قالت لي أنا متعبة جدًا نجوت من حادث بأعجوبة والآن لا أستطيع أن أتخلى عن مسكنات الألم استأصلوا الكثير من أعضائي الداخلية وأتيت هنا لعلي ارتاح ؟!
(حين قالت لعلي ارتاح بكيت معاها لإنه ذات السبب جمعنا)
قلت لها الله يحبك صبرا ياحبيبة (إن الله اذا أحب عبدا ابتلاه)
قالت : ( عن جد الله بيحبني ؟!)
رددت اسمي مرارًا وهي تقول (ادعي لي ادعي لي أنا ولدت في بيت لا يعرف من الدين الا اسمه يشرب المشروب ويصنعه بعيد كل البعد عن الله ولكن الله اختارني بينهم فكنت الوحيدة التي أصلي تزوجت وكان شرط زواجي أن يصلي زوجي ثم كان ذلك الحادث الأليم بعد أن رزقني الله بثلاث اطفال كنت كلما صبرتها وزدتها بمعلومة دينية تردد علي بلهجتها الجميلة
( يعني هيك يا سلوى أنا ما بعرف إشيء)
ثم ضمتني بشدة وبكت وقالت لي أريد رقمك اشعر أن الله يحبك ويحبني لانه دلّني عليك تبادلنا الأرقام ضمتني وسألت الله أن يجمعني بها في الجنة فردت بأعلى صوتها آمين
رحلت هي من هنا وبكيت انا من هنا وأنا استشعر قيمة الأرض التي اختارني الله أن أولد عليها وأتشرب حبها وأتعلم الدين الصحيح فيها فيجري على لساني النصح بكلام الله دون أن أشعر أن ذلك سيؤثر ايجابًا على من حولي
مديّنة انا لك يا مسقط رأسي يا وطني حبا وانتماء
همسة:
كما أن هناك أمهات بالرضاعة هنا أوطان بالولادة ورضاعة الحب
1 ping