الجوال والمسيح الدجال!
بقلم الأستاذ / خالد حمد العبيد
من الوهلة الأولى قد تستغرب عزيزي القاريء العلاقة بين الجوال والمسيح الدجال وإن كنت أراها علاقة وطيدة ومتشابهة حسياً ومعنوياً وقبل أن أبدأ بمحور الموضوع نعرج على المسيح الدجال والذي يُعتبر من أحد علامات السّاعة الكبرى، ومن أكثرها فتنة فهو رجلٌ يأذن له الله سبحانه وتعالى بالخروج بعد معركة الملحمة، والّتي يفتح فيها المسلمون مدينة الرّوم، المسمّاة بالقسطنطينيّة.
ويظهر في المرة الأولى على أنه رجل صالح ثم تتطور بعد ذلك ليدعي أنه ملك صالح وبعدها يزداد فسقاً فيدعي النبوة إلى أن ينتهي به المطاف إلى ادعاء الألوهية
فيتبعه آلاف اليهود والتتار وآل خرسان ويخالفه المسلمون.
وهناك شخص يسمى (عبدالعزى بن قطن) يشبه المسيح الدجال كثيراً.
هذه نبذة بسيطة عن المسيح الدجال وإن كان الهدف ليس التعريف به بل المقارنة بين فتنة المسيح الدجال وفتنة الجوال فهناك صفات مشتركة تجمع ما بينهما فالمسيح الدجال سمي بالمسيح لأن يمسح الأرض ويدخلها بلداً بلداً فالجوال مثله بالضبط جاب البلاد وفتن العباد فامتلكه الحاضر والباد وأصبح الجوال في متناول الجميع الكبير والصغير الفقير والغني العالم والجاهل الذكر والأنثى الخادم والمخدوم لقد اجتاح هذا الجهاز كل البيوت واخترق خصوصياتها فأصبح سلاحاً ذو حدين تجده إماما مقرئاً أحياناً وأحياناً خطيباً مفوهاً وعالماً مفتياً وتجده فاسقاً ملحداً طاغياً يكون ذكراً في بعض الأحيان وينقلب إلى أنثى إذا أراد.
الجوال عالم صغير يمتلكه الجميع في جيوبهم لقد اختصر المسافات وقرب البعيد وبعد القريب ومنكم من يتساءل كيف يبعد القريب؟! نعم لقد أصبح التواصل إلكترونياً وتعلقت صلة الرحم في قروبات الواتساب فأصبحت كل عائلة لها قروب أومجموعة خاصة بها يتحدثون ويتناقشون فيه دون الحاجة للقاء الجسدي.
أستطيع أن أسمي مواقع التواصل الاجتماعي بمواقع التفاصل الاجتماعي.
لقد كشف لنا الجوال ما يأكله الناس في بيوتهم ومايدخرونه فيها شاهدنا أطفالهم جلسنا معهم على موائد أكلهم (أظننا مستقبلاً نستطيع أن نشم رائحة أكلهم من خلال الجوال) لقد أدخلنا الجوال وسط بيوتهم وداخل غرف نومهم شاهدنا ملابسهم وأزياءهم بل إننا سافرنا معهم وحملنا أمتعتهم معهم من البيت إلى المطار إلى سياحة الديار وحتى العودة مرة أخرى إلى البيت بل إن البعض قد تطورت حالته إلى نشر خصوصياته الخاصة جداً أمام الملأ.
الجوال ذا جانبين ففيه جانب مظلم وجانب مضيء.
الجوال إن شئت أصبح أعيا من باقل وأخطب من سحبان وائل وأغبى من جحا وأحكم من الأحنف بن قيس.
لقد أصبح الجوال شيئاً أساسياً في الحياة لدرجة أن شركة " فيتامين ووتر" الأمريكية رصدت مكافأة قيمتها 100 ألف دولار (375 ألف ريال) لمن يستطيع التخلي عن هاتفه الذكي لمدة عام بغض النظر عن الهدف وراء الإعلان لكنه أصبح تحدياً يصعب على الشخص التخلي عنه.
أجزم يقيناً أن ذكريات هذا الجيل مستقبلاً ستكون ذكريات افتراضية فحينما يكبر هذا الجيل ويتصادف صديقان منه كانا يلعبان الببجي سوياً فيقول أحدهما للآخر:
يا الله أتذكر حينما كنا سوياً نلعب الببجي معاً ياااه كانت أيام جميلة!!
ويتسامران ويذكران مآثرهما وبطولاتهما الافتراضية فيبكيان افتراضياً!!
في الأخير بقي أن أنبهكم إلى نقطة مهمة وصفة مشتركة بين الجوال والمسيح الدجال وهي:
أن كليهما له عين واحدة فقط!!!
•دعاء:
اللهم إني أعوذ بك من فتنة الجوال والمسيح الدجال..!!