التعليم رسالة سامية
بقلم الكاتبة / سلوى الجهني*
إلى قائد المدرسة , والإداريين والمعلمين والمعلمات :
التعليم رسالة هادفة سامية لأنها رسالة الانبياء , وتوارثها المعلمون من بعدهم , فهذه الرسالة تهدف لتعليم الناس الخير من اجل رقي الانسانية في جميع المجالات , فالمعلم صاحب رسالة والطلاب امانة لديه , فإن تاه صاحب الرسالة ضاعت الأمانة . لأجل ذلك كانت المهمة الأولى والأساسية للمدرسة في جميع مراحلها , أولاً التربية بغرس تعاليم الدين والأخلاق الفاضلة وتعزيز القيم والمبادئ لدى الطلاب , ومن ثم تأتي مرحلة تعليم القراءة والكتابة والحساب والعلوم الأخرى ثانياً , فما فائدة العلم بلا أخلاق قال ابن العثيمين : ( طالب العلم إذا لم يتحَّ بالأخلاق الفاضلة فإن طلبه للعلم لا فائدة فيه ) . وقال مالك بن أنس لفتى من قريش : ( يابن أخي تعلَّم الأدب قبل أن تتعلم العلم ) , وقال ابن الجوزي : ( كاد الأدب أن يكون ثُلثي العلم ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن مثل ما بعثني الله به من الهُدى والعِلمِ كَمثلِ غيثٍ أصاب أرضاً فكانت طائفةٌ طيبةٌ , قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير , وكان منها أجادبُ أمسكتِ الماءَ , فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا , وأصاب طائفةٌ أمنها ُخرى , إنّما هي قِيعانٌ لا تُمسِكُ ماءً ولا تُنبِتُ كَلأ , فذلك مَثَلُ من فَقِه في دِينِ الله , ونفعه بما بعثني الله به , فَعَلِمَ وعَلَّمَ , ومَثلُ من لم يَرفَع بذلك رأساً ولم يَقبَل هُدى الله الذي أُرسِلتُ به ) . متفق عليه .
أعزائي الإداريين والمعلمين والمعلمات :
قال الله تعالى ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) .
وقال الشاعر أطفالنا اكبادنا تمشي على الأرض .
من هنا نجد أنّ , أطفالنا زينة وقرة عين لنا , وهم أغلى ما نملك في دنيانا , نشقى ونَكِّد لإسعادهم , وهم أمانة لدينا ولديكم , نتقاسم جميعنا تربيتهم وتعليمهم , فهم يقضون معكم ما يقارب ثلث عمرهم من عمر 6 إلى عمر 18 عاما , نذهب بهم الى المدرسة ونضعهم بين أيديكم بكل ثقة ومن دون خوف عليهم , لأننا على يقين تام بأنهم بأيدي أمينة حنونة , فالمدرسة بيتهم الثاني والمعلم هو الوالد الثاني لأبنائنا , لذا نأمل منكم حفظ الأمانة ورعايتها , وأن تكونوا كما عهدناكم نبراساً للأخلاق الحسنة ومنارةً للتربية والتعليم , فأطفالنا هم أطفالكم , وهم بُناة المستقبل وأمل الأمة , فلنُحسن رعايتهم وتربيتهم وتعليمهم صغارا ليُحسِنوا للوطن كباراً , فحُسن التعامل والصبر على التعليم من صفات أنبياء الله عليهم السلام , وليكن قدوتكم في ذلك معلم لبشرية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في نهجه التربوي حيث كان لا يضرب ولا يؤنب أحدا على خطأ ارتكبه , بل كان يعامله بكل لطف ولين , ويعالج الخطأ من دون أن تجريح أو إحراج أو عقوبة , فالله الله في الطلاب , حيث أنّه كَثُر في هذه الأيام شكوى الطلاب من ضرب المعلمين أو إهانتهم وإحراجهم أمام زملائهم , وهذا يؤثر على نفسية الطالب , ويُولّد لدبه نفوراً من المدرسة وكُره للعلم , فاحرصوا رعاكم الله على أن تكون العقوبة غير جارحة للكرامة وغير مؤلمة جسدياً ونفسياً للطالب . وإليكم بعض الارشادات والتوصيات .
بعض التوصيات الخاصة بقائد المدرسة :
1 – قفوا مع الطلاب بالطابور الصباحي وتفقدوا أحوالهم , وتعرفوا على أحوالهم من خلال نموذج المعلومات الشخصية , لتحيطوا علما بظروف كل طالب , واعلموا أن طلابكم يقتدون بكم وبأفعالكم , فاحرصوا على أن تكونوا قدوة حسنة لهم .
2 – تجنبوا إهانة الطلاب أو ضربهم , وعالجوا المشكلات الناتجة عن السلوك الخاطئ لأي طالب على انفراد وبعيدا عن زملائه .
3 – عزّزوا من ثقة الطلاب بأنفسهم بمكافأة المجتهد , وتشجيع الكسول ليجتهد .
4 – البعد عن العقاب الجماعي لأي سبب , واحرصوا على العقاب الفردي للمسيء فقط , ولكن من دون امتهان لكرامته أو إيذائه .
5 – ربما يكون عدد الطلاب بالمدرسة كبيراً , وهذا يشكل عليكم ضغطاً وعبئاً كبيراً , فإياكم أن يُخرجكم هذا عن ضبط تصرفاتكم , أو ان تقوموا ببعض التصرفات المستفيضة من شتمٍ او ضربٍ وغير ذلك من التصرفات اللاتربوية واللأخلاقية , فعليكم بالصبر ومجاهدة النفس على تقديم افضل ما عندكم , محتسبين الأجر من الله وحده , واحرصوا على ان تتركوا بطلابكم بصمةً , تُسَجّل لكم عبر الزمن من سمعة حسنة وتعامل جيد وأخلاق رفيعة , فطالب اليوم رجل الغد الذي سيداويك او يعلم ابنك او يبني لك بيتك . . .إلخ .
بعض التوصيات والإرشادات الخاصة بالجهاز الاداري والإرشاد التربوي :
1 – عاملوا الطلاب كأبنائكم , اعطفوا عليهم , وتجاوزوا عن مسيئهم وساعدوه على تجاوز الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها , واعلموا أن الطلاب بالمدرسة كالأخوة في البيت لا بد من أن يشذ أحدهم بتصرفاته عن الآخرين .
2 – إعلموا أنّ المرونة والاحترام في التعامل مع الطلاب مطلباً اساسياً , ولكن دون افراط او تفريط , فكثرة اللوم والعقاب للطلاب يؤدي بهم , إمّا الى الاكتئاب والانطواء , أو إلى الرعونة والتصرفات غير المسؤولة .
3 – الاكثار من المنافسات الثقافية والرياضية والفنية , لجذب الطلاب الى مدرستهم واكتشاف المبتكرين والموهوبين والأخذ بيدهم لمزيد من النجاح والعطاء .
4 – تفقدوا الطلاب بفسحتهم وبسؤال المعلمين عنهم , لتتعرفوا على أحوالهم , وتساعدوا أي طالبٍ لديه مشكلة ادارية أو عائلية أو صحية أو نفسية , فهذا واجب وظيفي , وقبل ذلك واجب ديني وأخلاقي .
بعض الارشادات والتوصيات المهمة لكل معلم ومعلمة :
1 – عليكم بالصبر في التعامل مع الطلاب , فهم من بيئات مختلفة , ولكلٍ منهم ظروفه الخاصة التي لا يعلمها إلا الله , فمنهم الفقير ومنهم اليتيم ومنهم المريض ... إلخ , تقربوا إليهم وتعرّفوا على ظروفهم لتعرفوا كيف تتعاملوا معهم .
2 – إن وصل حوارك مع احد الطلاب داخل الفصل الى مرحلة العنف والجدال , أنهي الحوار سريعاً , لأن الطالب بين زملائه يشعر بالتحدي , كُن رفيقا به , وتحث معه لاحقاً خارج الفصل وعلى انفراد , حينها ستجده مختلفاً كلياً ومتجاوباً معك , ويتقبل الفكرة بانشراح صدر .
3 – إذا دخل الطالب متاخرا لاي سبب كان , فلا تلومه او تسأله عن سبب تأخره , بل عليك ان تدخله في جو الحصة من حيث لا يشعر , بان تعيد مافاته من الدرس بشكل مختصر .
4 – اظهر محبتك واحترامك للطلاب , تبادل معهم الاراء ووجهات النظر , حتى لو من خارج المنهاج , وتبادل معهم بعض المواقف الطريفة للعظماء والمشاهير حينها ستجد من طلابك كل انتباه واهتمام بالحصة .
5 – في حال حصول مشاغبة وضجة اثناء الحصة , أوقف الشرح فوراً , وأعطهم مدةً قصيرةً ليهدؤوا , واعلم أن إنهاء المشاغبة لا يكون بصراخك وبصوتك العالي , لأنهم سيستجيبون لك مؤقتا , ثم يعودن لمشاغبتهم بمجرد ان تدير ظهرك لهم , تعرف على السبب الذي دفعهم للمشاغبة وعالجه , وابدأ درسك من جديد بموعظة تناسب الموقف ثم تابع الشرح , وأعلن ان الحصة ستنتهي باختبار قصير .
6 - أن كان ضمن الفصل طالبا فوضويا ومشاكسا , كلّفه بمهمةٍ ما , كأن يكون رائد الفصل أو أن يقوم بشرح الدرس لزملائه , حينها سينتظم ويصبح طالباً مجداً ونشيطاً .
7 - اعلموا أن عملكم أمانة , فأحسنوا تحضير الدروس وبسّطوا الشرح للطلاب , وأوصلوا المعلومة الصحيحة إلى كل طالب , كرروا الشرح حتى يستوعب الجميع , فعقول الطلاب متفاوتة في الذكاء والاستجابة .
وأخيرا , , ,
كلمتي إلى كل قائد مدرسة وإداري ومعلم , ابنوا جسوراً من المحبة والتواصل بينكم وبين طلابكم , وابتعدوا عن القسوة والغلظة في تعاملكم مع الطلاب , ابعدوا مشكلاتكم العائلية وظروفكم الخاصة عن طلابكم , ولا تجعلوهم أسيرين لتلك الظروف , واتقوا الله فيهم , واعلموا أن أجركم عند الله عظيم حيث قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير ) .