معركة دون سابق إنذار
بقلم الكاتبة / غدي العيدي*
دون سابق إنذارٍ للبشرية وفي ليلة من ليالي الدنيا الهادئة، حل ظلامٌ دامس أجتاح أركان الكرة الأرضية بأكملها كابوسًا موحشًا مفجعا، حتى أنه لم يسمح لأي إنسان ولو للحظه بالتخيّل أو التفكير فيما حدث وفيما يحدث وفيما سيحدث، كورونا الكابوس الأعظم في تاريخ البشرية يحدث على هيئة الواقع لأول مرة، يُحدث هذا الفزع الكبير في أركان العالم، ولا أحد معصوم من الفزع والهلع ، الكل يفقد السيطرة كليًا .
لامناص ولا حتى طريقًا يُرشد للنجاة، الكل يهوي في بئر النيران، الكل يهوي نحو اللاشيء، العالم يشاهد بصمت وبذهولٍ غير معهود، ثم يقرر أن يخوض المعركة مهما كانت الخسائر، العالم بات قرية صغيرة الكل يشترك في المعركة الغير معهودة، العالم مجبور على أن يجابه كل هذا الطوفان بكل ما أوتى من ضعف إنها معركة ( كورونا )والإنسان.
كورونا يتسلل بخفيه وعمق في أجساد البشرية دون سابق إنذار، يُفزع الناس، ويحصد الأرواح، جعل المدن خالية من الأنفاس كأن لم يطأها جنس بشر، الشوراع خالية من الحياة كأنها تأخذ فسحة من البشرية، الكل ينزوي في ركنه الصغير، حظر التجول ، إيقاف الرحلات الدولية، سحق لاقتصاد الدول، المستشفيات في حالة إرتباك، وأطباء العالم يقفون عاجزين، والإنسان الذي لاحول له ولاقوة سوى أن ينتظر العلاج من المختبرات، والعالم من شرقه إلى غربه يهتز اهتزاز مريعًا، إنّها معركة كورونا والإنسان.
ماهي الرسالة التي يريد إيصالها هذا الكورونا لبني البشر !!
حرب كورونا تستهدف الإنسان أولاً وثانيًا وأخيرًا فلماذا إذن!!
حرب كورونا حرب عنيفة مستبدة للغاية قضيتها الإنسان ثم الإنسان ثم الأنسان
ولماذا الإنسان دون المخلوقات الأخرى !؟
ألم تعتاد المعارك يا أيها الإنسان!! أين الأسلحة والذخائر ماذا يعني معركة دون سابق إنذار!!
ألم تعتاد المعارك والاستبداد وسحق كل من يقابلك !!
أم أن المعركة تختلف هذه المرة أتت على غير عاداتها سحبت البساط من تحتك جعلتك تخفض سقفك رغمًا عنك وجرحت نرجسيتك !!
لقد استوطنتك رغم أنفك، وكسرت شوكتك، وطحنت روحك، وربما تسرق عافيتك، فيروس
لا يكاد يُرى بالعين المجردة يلحق كل هذا الضرر بالبشرية !!
كم أنت ضعيف يا إنسان بل ضعيفًا جدًا، بل إنك أضعف مما كنت تتصور، كورونا جعلك تعتزل الحياة ببرها وبحرها وجوها وتبقى في ركنك الصغير مختبًأ تترقب كل مايحدث وأنت عاجز ، عاجزًا تمامًا عن ممارسة الحياة.
والإنسان الضعيف لازال يحارب من أجل الحياة ولكنه يحارب هذه المره ليس بأسلحته النووية والصواريخ والطائرات والقذائف، لا يحارب بقوة واستبداد وفتك ببني جنسه كعادته هذه المرة كورونا تولى عنه المهمة حتى بقى هو الذي يحارب بمفرده وبضعفه وبكل ما أوتى من ضعف.
رسالة كورونا مفاداها لابُد أن تعرف حجمك الصغير وضعفك الكبير أيها الإنسان فمهما بلغت من نفوذ وسلطة وجبروت، تبقى ضعيفًا أمام كل قوة، ومن سيربح في نهاية المطاف كورونا أم الإنسان لا يهم .. حقًا لا يهم.
فالأهم أن الرسالة التي ربما لن تكون الأخيرة وصلت لبني البشر وبلغت من البشرية ما بلغت وأخبرت العالم بأسره بحقيقة الضعف البالغ في البشر فمهما بلغوا من علم واقتصاد ونفوذ، هم أنفسهم الآن الضعفاء الذين لازالوا واقفون يشاهدون بذهول وبعجزٍ تام عن الحياة.
هل ستواصل الرسائل الأخرى مسيرتها
ماذا بعد كورونا !!
لنساعد بعضنا البعض لتصل الرسالة
فالمعركة ليست بمعركة كورونا والإنسان، إنها معركة القلوب والضمائر، إنّها معركة إحياء الأرواح ، إنّها معركة الإعتراف بالضعف والإفتقار إلى الله، إنها معركة الإنسان والطهارة ليس طهارة الأبدان فحسب بل طهارة القلب والاعتقاد المطلق بالله، حان الوقت لغسيل العقول وتعقيمها وتطهيرها جيدًا وإحقاق الحق والعودة إلى طريق الحق.
كفانا ظلم لأنفسنا قد حان الآوان لنعي مفاد الرسالة ..
قال تعالى في محكم آياته : (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )