حين تُصبح هشًا !
بقلم الكاتبة / عابده الخرمي
لحظات الضعف أو اليأس دائما ما توقع بالإنسان وتجعله أقرب وأدنى من كلّ لمسة وكلمة وابتسامة وفكرة، وأنا أعني قد تجعله هشًا ومسكينًا !
في تلك الليلة الطويلة الباردة على وفاء ولعل برودة الجو هي التي تضخّمها في خاطرها فتظل مرتعشةً ومرتعدةً على الدوام على النقيض تمامًا من كافّة من يحيطون بها، فأطرافها تغدو كالصقيع ولا تستطيع أن تستقر مكانها ، فتحت وفاء حسابها في تويتر كعادتها وقد مضى وقت طويل جدًا على البوح والكلام والرغبة في التغريد بأي شي فظلت تقرأ وتتابع حتى رأت أن شاعرها المفضل كان حاضرًا في الليلة تلك ويكتب مسترسلًا كثيرًا من التغريدات المتتابعة المتألقة وإحساسها كورقةٍ فوق سطح الماء أرتأت هذه المرة أن ترسل له شكرا وشكرها هذا تعني به إحساسه المتدفق فكتبت : وجودك في التايم لاين مختلفًا ولامعًا فشكرًا لجمالك! فما هيّّ إلى دقائق قليلة حتى جاءها الرد وفاجأها والأمر هذا لو نظرت له في أوقات ثانية عن وقتها الآن لما رآعت له انتبهًا ولما أثّر فيها كل هذا التأثير وإنما لحظة الضعف هي التي لو استمرّت عليها لأهلكتها مشاعرًا جيّاشةً ومؤلمة وحتى حين تابعت الحلقة السابعة والثلاثون من مسلسلها الطويل شعرت كما لو أن دموعهم وبكاءهم مغروسةً ومنسكبةً بقوةٍ وثقلٍ في فؤادها شعرت أن ملامح بطل المسلسل جذّابةً أكثر من العادة وظلّت تنظر لها وتتابعه بافتتان شديد وهكذا استمرّت ليلتها وحينما بدأ كأن نور الصباح يظهر افتعلت أمورًا كثيرة لربما ندمت عليها بعدئذ فقد أخبرت زميلتها في العملِ أنّها متولهةً على الشاعر وأنها قد كتبت عنه في أبيات وغزل وقالت :
في عينيكَ تكون أمانيَّ
ولحنانك تصبو الأحلام !
ولكن لم تتوقّف المشاعر هنا فذهبت لحساب صديقاتها وراجعت كثيرًا من أحاديثها معهم ولم تمرق العبارات هذه المرةً مرورًا عابرًا بل اوجعتها وتساءلت لم قالت عنّي هذا ولماذا لم تكن تحفظ حق الصداقةِ بيننا ! وارسلت لهم تباعًا "انتهت صداقتنا فقد وصلت لمرحلةٍ من عمري لستُّ مضطرةً للمضي معكم" وهكذا ارسلت لهم واحدة واحدة فأي جنون يعتملُ في نفس الإنسان أحيانًا كثيرة وأي مشاعر غريبة ومختلجةً تُضبضب فؤادها فلا تعد تتحكّم في الانفعالات ولا العواطف وكأنّي أتذكّر بهذا شخصية دمتري في رواية الأخوة كارامازوف الشخصية الثابتة والواثقة إذا كيف غدا من الضغوط والتشتت مطرحًا للهلوسة والأوهام فهو يسمع ويرى ما يخطرُ بباله مجرد خيال ويتعجّب كيف له أن ينقلب في لحظةٍ هكذا حقيقةً أمامه ويستغرب من نفسه أيضًا كيف له أن يصير غيرُ ضابطًا أبدًا لما يشعرُ به فهلّ ضغوط الحياة والتحدّيات والصعوبات والمواقف قد تجعل الإنسان مُذلًا أمام مشاعر القلب والعواطف ؟