كيف تستعد الأسرة لعام دراسي جديد؟
بقلم / أ.د بشرى اسماعيل
بداية عام دراسي جديد مناسبة مهمة ذو دلالة خاصة وتعتبر عيد للصغار والكبار ينتظره الجميع، رغم ذلك تشكل العودة للدراسة ضغط بل وهاجس لكل بيت. ويجب على الأسرة أن تستعد للعام الدراسي الجديد اقتصادياً ونفسياً واجتماعياً، وأول أوجه هذا الاستعداد هو الرجوع إلى نظام النوم والاستيقاظ وخاصة بعد تغيير مواعيد النوم وبعض العادات والتقاليد التى اعتادوا عليها أثناء الدراسة، على أن يتم ذلك قبل انتهاء الاجازة الصيفية والعودة للمدارس بأسبوعين على الأقل ليعتاد عليها الأبناء. بالاضافة إلى ضرورة توفير احتياجات الأبناء من ملابس وأدوات مكتبية وكتب ومصاريف مدرسية، هذا فضلاً عن ضرورة تهيئة الوالدين للأبناء نفسياً تمهيداً لاستقبال العام الدراسي الجديد وخاصة لمن تكون لهم خبرة الذهاب للمدرسة أو الجامعة خبرة جديد ومقلقة مجهولة وغير مريحة، الأمر الذي قد يصيبهم بالقلق والفتور أثناء الدراسة لولا تهيئتهم النفسية، لأن للأسف كثير من الأسر تهتم بتوفير الاحتياجات المادية وتتجاهل تهيئة الأبناء نفسياً للدراسة. كذلك لابد من مشاركة الأبناء في وضع أهدافهم للعام الدراسي الجديد والتأكيد على أن يكون هدفهم هو التميز والابداع وليس النجاح فقط، وتنظيم الوقت وتحديد مواعيد التنزه خلال الدراسة ووضع جدول للاستذكار، والحرص على مشاركتهم وجدانياً وتشجيعهم على تحقيق أهدافهم، ومكافأتهم وتعزيزهم مما يساعدهم على تخطي ما يواجههم من صعوبات دراسية. والاستعداد للعام الدراسي الجديد لا يكون للأسر فقط بل كذلك من وزارة التعليم والمدارس والجامعات، فلابد أن توضع الخطط للتهيئة النفسية للطلبة بتنفيذ برامج تهيئة لاستقبال العام الدراسي الجديد طوال الأسبوع الأول ( الأسبوع الارشادي) - وليس اليوم الأول فقط - من احتفالات وتكريم المثاليين والمتفوقين بالعام الماضي، وإعداد جداول الحصص وتوفير الكتب المدرسية، وضرورة تفعيل دور الارشاد الطلابي بالمدارس، وتفعيل دور الأخصائي النفسي والاجتماعي. بالاضافة للاهتمام بتفعيل دور النشاط الطلابي لما له من فوائد هامة تنعكس على شخصية الطالب ومهاراته، وتقيه من التفكير المنحرف والضال أو الوقوع ضحية للجماعات المتطرفة. ولا شك أن الجهل السيكولوجي بأهمية الأنشطة اللاصفية للطلبة يزيد من الضغوط المدرسية الواقعة عليهم ويرهق كاهلهم ومن ثم يقلل مستوى تحصيلهم الدراسي، وتضعف قدراتهم على مواجهة الصعوبات والمشكلات الدراسية، وهذا يعد من أكثر أسباب ارتفاع حالات التلكؤ الأكاديمي والتسرب الدراسي بين الطلبة من الجنسين. وللقضاء على ذلك لابد من مواءمة المناهج المدرسية للطلبة بحيث تتناسب مع قدراتهم وميولهم، وعليه لابد من الاهتمام بتغيير محتوى المناهج المدرسية في كل مراحل التعليم المختلفة لتشبع احتياجاتهم العقلية والنفسية، وتراعي الفروق الفردية بينهم، وتواكب مستجدات العصر ومتغيراته، وتستخدم تكنولوجيا التعليم المتقدمة وأساليب وطرق التدريس الحديثة، وتنمى مهاراتهم ومواهبهم ومهارات التفكير الناقد والإبداعي لديهم. وأن تتضمن معلومات نظرية ترتبط ببيئة الطلبة وتطبيقات ميدانية أو معملية تسمح بتطبيق هذه المعرفة النظرية، وأن تتيح المناهج الدراسية للطلبة حرية التعبير عن آرائهم، وعليه يجب على وزارة التعليم تغيير أساليب تقويم الطلبة وأن يكون تقويماً شاملاً مستمراً في كل مراحل التعليم، يستخدم فيه المعلم أساليب التقويم الحديثة، وتتولى الوزارة تدريب المعلمين عليها، واعداد بروفايل أكاديمي لكل طالب أو طالبة في كل مرحلة دراسية لتتبع مستواه الدراسي، ووضع برامج تدريسية علاجية للحالات المتعثرة دراسياً، ومن ثم التمكن من القضاء على ظاهرة التلكؤ الأكاديمي والتسرب المدرسي من خلال تنفيذ برامج إرشادية وعلاجية متنوعة للطلبة، والاستفادة من خبرات الدول الأخرى في الاهتمام بالتعليم والطلبة. وعليه فإن استقبال العام الدراسي الجديد يتطلب تكاتف جهود كل أفراد المجتمع لاستقبال عام دراسي جديد حافل بكل شئ مفيد ونافع للطلبة، عام تقل فيه المشكلات الدراسية ويقضي على الظواهر والمشكلات الدراسية السلبية، ونصنع دروع واقية للطلبة ضد الضغوط والتحديات التي تواجههم، ونصنع جيلاً مبدعاً متميزاً متفوقاً دراسياً بل ومتمسك بقيمه وأخلاقه في إطار منظومة تعليمية قوية من إدارة ومعلمين ومناهج وأساليب تقويم وأنشطة لاصفية متميزة تراعي معايير الجودة العالمية للتعليم.
* أستاذ الارشاد النفسي بكلية التربية بأبها جامعة الملك خالد
1 ping