كلنا أذكياء ذو بصمة خاصة
بقلم أ.د. / بشرى إسماعيل أرنوط *
كان يعتقد أن بعض الأشخاص هم فقط الذين يتصفون بالذكاء، ولذلك هم الناجحون في حياتهم فقط، ويتولون الوظائف المرموقة في المجتمع، هم ذوي الياقات البيضاء. أما غيرهم فهم ذوي ياقات زرقاء، لا يصلحون لمثل هذه الوظائف، لأن ذكائهم منخفض - وهذا فقط حينما كانت النظرة للذكاء أحادية- معرفية فقط.
ولكن بظهور نظرية الذكاءات المتعددة لجاردنرGardner تغيرت النظرة للذكاء، فلم يعد أحادياً عقلياً معرفياً.
لأن لكل منا لديه أنواع ذكاء خاصة من بين عدة أنواع: ذكاء لغوي، ذكاء رياضي أو منطقي، ذكاء فضائي أومكاني، ذكاء جسمي حركي، ذكاء اجتماعي، ذكاء ذاتي داخلي، ذكاء طبيعي، ذكاء وجداني، ذكاء علمي، ذكاء وجداني، وذكاء روحي.
حيث أن لكل فرد ذكاءه الذي يميزه عن غيره ، وللوراثة والبيئة دورا هاما في ظهور أنواع الذكاء عند الفرد، كما يمكن تطوير هذه الأنواع وتعليمها من خلال التدريب.
ولكل فرد بصمة ذكاء، ترجع إلى الاختلاف بين الأفراد في القدرات ، وفي درجة المهارات، وهذا يعود إلى أنواع الذكاء المتوفر لدى الأفراد ونسبة تفعيل كل منهما. ومن هنا جاء مصطلح الكفاءة الذاتية أو فاعلية الذات سواء العامة، وفاعلية الذات الرياضية، وفاعلية الذات اللغوية، وفاعلية الذات الدراسية، وفاعلية الذات المهنية، فاعلية الذات الاجتماعية. وكذلك تنوعت أساليب التدريس والتدريب وأنشطته، وتنوعت الاهتمامات والميول، والتفضيلات الدراسية والمهنية والشخصية.
وهكذا كلنا أذكياء ببصمات مختلفة، وقدرات متنوعة، ومهارات كثيرة. فالذكاء ليس مؤشره الوحيد المعرفة، بل مؤشراته متعددة، وهذه حكمة الخالق وسنة الكون، بالتنوع نتمايز ونتكامل، ولا نتنافر ونختلف.
✍️ وعليه فأصبحت هناك ضرورة وحاجة ماسة لإعداد مقاييس جديدة للحكم على الذكاء العام للفرد، بحيث يتضمن هذا، الحكم على ذكاءه اللغوى والرياضي والمنطقي والطبيعي والجسمي والحركي والذاتي والانفعالي والعلمي والروحي.
✍️ فلم يعد مقياس وكسلر وحده يكفي ولا مقياس ستانفورد بينيه بمفرده قادراً على إصدار هذا الحكم الشامل على درجة ما يملكه الفرد من ذكاء في ضوء النظرة المتعددة المؤشرات والأنواع للذكاء.
وهذه دعوة للباحثين العرب، أن نسبق الغرب في ذلك، ونعد مقياس للذكاء في ضوء بيئتنا وثقافتنا وظروفنا العربية، للحكم على الذكاء العام للفرد من منظور تعدد أنواع الذكاء عند الفرد واختلاف درجة ما يملكه الفرد من مهارات وقدرات كل منها.
فلماذا في ضوء كل هذا، لا يراعي المرشدين والمعالجين النفسيين، عند تخطيط برامجهم الارشادية والعلاجية، مراعاة الفروق الفردية وفقاً لأنواع الذكاءات المتعددة، في كافة مراحل العمل الارشادي والعلاجي، من تحديد للأهداف، واختيار الأساليب والفنيات والانشطة التي تتناسب مع نوع الذكاء لدى العميل، حتى يستطيع تقديم انجح خدمة ارشادية وعلاجية متميزة وفعالة له.
فكلنا في حق التميز وامتلاك الذكاء والحياة سواء من منظور علم النفس الايجابي.
* أستاذ الارشاد النفسي
3 pings