ضفاف الأحد
الإذاعة تشرق ثانية
بقلم الأستاذ / محمد بن ربيع *
وهي لم تغرب إطلاقا عن المخلصين من مستمعيها، ولم تغب كثيرا عن سماء بعض المتابعين لها، لكنها تراجعت كثيرا عند الغالبية من الناس، تراجعت تحت وطأة المنافسة مع منافسين جدد، وتحت وطأة بيئات تقنية جديدة، ولا أقول تراجعت أمام العصر فهي ابنة العصر القادرة على التخاطب معه.
الصحافة كانت الوسيلة الإعلامية الأولى في مجتمعنا، لكنها وسيلة تضعف أمام الجغرافيا وتفقد معناها أمام الأمية، ظفر بها المتعلمون فقط، وتغلبت عليها التضاريس فحارت في السهل، لذلك جاءت الإذاعة في زمانها نجدة للناس، فهي مجهار اسطوري يصب في شتى المسامع، أُميّة ومتعلمة، لا تعني له المسافات شيئا.
عندما ظهر التلفزيون في مجتمعنا كانت مساحته محدودة، واستمر على ذلك فترة لا تعرفه القرى ولا البوادي، وحتى مدن التلفزيون آنذاك كان انتشاره فيها تحكمه قدرة الناس على الشراء، فأرخص جهاز يعدل عشرة أكياس كبيرة من الأرز، ولم يدخل التلفزيون بيتي إلا بعد سنين عديدة من ذيوعه.
كنا نمسح ميناء المذياع، نطوف بمحطاته المتراصفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، غير أننا ما نلبث أن نعود لإذاعتنا التي باتت جزءا من يومنا وشريكا في حياتنا، ولما شاعت " لمبات" الفلورسنت ذات التأثير على المذياع، أصبح الاستماع في الليل مزعجا، لا نكاد نميز شيئا لفرط التشويش.
انتشر التلفزيون ثم شاع الفيديو والألعاب الإليكترونية ثم جادت السماء بالقنوات التي تُعدُّ بالآلاف، ولولا تقنية FM لقُطِع دابر الإذاعة المسموعة، واليوم يعود الأمل مع تطبيق الهاتف الجوّال "اسمع وشاهد" الذي وضع المحطات السعودية المرئية والمسموعة في راحتي، عدت مجددا للاستماع الشهيّ وسيعود الملايين معي، وهذا يبشر بزمان جميل معاصر تستحقه الإذاعة السعودية.
* أديب سعودي