الأناقة النفسية
بقلم الاخصائية النفسية / خلود مفلح الحارثي
قد يتبادر للذهن درجات مختلفة من التعجب في لفظ أناقة بجانب النفسية!
لأن جرت العادة بذكر مفهوم الأناقة بما يخص المظهر الخارجي من لباس ومجوهرات وكماليات للزينة لنظهر بالشكل المبهر للجميع، وليعطينا الثقة بما نمتلك، ويعطي الآخرين انطباع عن ذوقنا في الأزياء وانتقاء الأشياء، وكذلك للظهور امامهم بلفتة تخطف الانظار، وربما يمتد مفهومها عن اصناف الأكل الجيد عند البعض...
نتحدث هنا وكأننا نشكل لوحة خارجية عنا في الظاهر بأبهى حُلّه؛ ولكن هل فكرنا يوماً عن داخلنا وكيف له أن يكون أنيق كما خارجنا؟!
بالطبع هناك معنى آخر للأناقة. تكمن في السلوك والقول والفكر، و يرى البعض أنها تُترجم بفن الحوار والتفكير المنطقي وكذلك حسن التصرف...
فالوسامة الروحية لها ما للوسامة الجسدية بل وتتفوق في كثير من الأحيان عندما تقترن تلك الوسامة بالأسلوب والتي تنعكس بأثرها علينا وعلى الناس من حولنا. فنجد الابتسامة الحقيقة مفتاح لتلك الأناقة والتي تنطبع في قلوب مشاهديها بالعفوية والمودة، كما أن اللطافة في القول واللباقة في الفعل تزيد النفس تألق. التأمل والهدوء بالأمور والحكمة فيها دليل بصفاء تلك النفس فترى الآخرين يثقون بها كونها تعد من مقومات الأناقة النفسية. ومن المهم ذكر الاستقرار وثبات المزاج بشكل نسبي فالإنسان الثابت بمزاجه يوحي لغيره بالأمان وعدم التقلب. فمن الصعب الارتياح بتقلبات المزاج وفق الاهواء ،وتؤثر فيما بعد باتخاذ القرارات نظراً لعدم الثبات والاستقرار.
ومن الجميل في الأناقة تلك المصداقية التي تنم على الصراحة في حدود ذكر الحقائق المهمة والتي تصور لنا مدى التزامنا ومسئوليتنا امام الجميع فالصدق طوق النجاة ،وبذلك يؤثر على النفس براحة الضمير والبعد عن مشاعر اللوم والذنب.
ايضاً من مزايا الأناقة النفسية التمتع بالكرامة بعيداً عن الذل ومواطنه من خلال احترامك لدينك ومبادئك وعاداتك وتقاليدك وتربيتك ،وكذلك احترامك لثقافتك وكافة قناعاتك بالحياة التي ترفعك عن الجدل السقيم وعن الثرثرة التي لا فائدة منها والبعد عن مستويات الحماقة وأهلها.
فنجد ذو الأناقة النفسية يتمتعون بالحزم والعزم في مواقف عديدة يتبادرون في فعلهم بحسن التصرف وعدم الاستعجال واطلاق الاحكام نجدهم يتأنون بفعل الصغيرة قبل الكبيرة حفاظاً على العلاقات بينهم وبين الناس ويحرصون على عدم جرح مشاعر الآخرين ويكونوا اكثر ادراك للمسائل التي قد تكون مزعجه لهم ولغيرهم، والبعد عن التساؤلات التي لا تعنيهم، وأكثر مباشرة بادراك المعنى ووصفه بعيد عن التورية.
ونجد الصبر معيار مهم يقف على أبواب النفس الأنيقة كمواقف الغضب نجد الحلم وكظم الغيض مقابل الارتباك والعنف والفوضى. وضبط النفس عن ما يُكره فعله وقوله ويعقبه الندم. وأكثر الاوقات التي نحتاج فيها للنفس الأنيقة هي اوقات الاختلاف ومعاكسة الرأي هناك من يتعصب وتثور به التحيزات لفكره أو جماعته أو مصالحه، وهناك من يحترم ذلك الاختلاف ويطرح رأيه بكل ثقة دون انفعال، وبنهاية النقاش يكون متمتع بالاستماع والطرح والتعلم منه، وإن لم يُقبل رأيه! لتميزه بمرونة فكرية.
لنضع بالنهاية صورة مجملة عن الشخص الذي يتمتع بالأناقة النفسية. هو شخص يمتلك شخصية مرحه مبتسمه ذو طاقة ايجابية عالية. تشعر معه بأن الدنيا آمنه وفي حديثه المختلف معك نوع من السلام والتحالف، لديه إدارة رائعة بالمواقف خصوصاً تلك المفاجئة له فيظهر مرونته وحسن تدبيره. نراه هادئ مسترخي في اللحظات العصبية ليكون هو بيننا الأكثر تحكماً بزمام الأمر، نلمس في كلامه الصدق والحقيقة حتى إن كانت تلك الحقيقة غير ساره، ولكنه يرى وجوب عرضها دون خوف او استسلام، تشعر معه براحه لكل القرارات التي تشاوره فيها كونه ثابت انفعالياً بمواقف عديدة، يجد بكل ازمه لطف ويتحدث عنه دون يأس ويحاول أن يعطيك أمل رغم قلّة المعطيات، قد يكون شخص عابر ومؤثر بشكل جميل في حياتك لتمتعه باللطافة وحُب العطاء لديه متسع من الذكاء والقدرات التفاعلية مع الآخرين لصنع تآلف جيد بالمحيط.
كم هو جميل أن نتعرف على أناقة انفسنا وكيف لنا أن ندركها ونتقنها وفق ظروفنا بالحياة، كما نهتم ونحرص على أناقتنا الخارجية بشكل منافس للآخرين، والأجمل هو أن نتمتع بالنفس الأنيقة والشكل الأنيق فتكون صورة رائعة ونموذج قد يحتذى به.
واشعر بداخلي أننا بعد هذا المقال ادركنا أهمية تلك الأناقة وجمالها وقربها للروح والبدء في التحلي بها أكثر عما قريب.
* كاتبة ،عضوة، رابطة كاتبات الغد
2 pings