تربويات وجدانية
بقلم الدكتور / هاني المطارنه *
لما العجب من زوجةٍ لا تتودد لبعـلها ، وابنة ٍخرجت مع صديقها ، وولد ٍيتعاطى المنكرات !! نعم لا عجب ، وقد تخلى الزوجُ عن وظائفه التربوية في المجالات الوجدانية ، فحصل الفراغُ العاطفي لمن هم تحت مسؤوليته ، فطفقوا يملئون هذا الفراغ .
سأعرج بعجالة على بعض التربويات الوجدانية لرسول الرحمة والمودة :
أولا ً : بالنسبة للزوجة : تقول أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " يُقبّلني ثُمّ يقوم للصلاة " ، وقد استدل الأحناف بهذا الحديث على أنّ لمس المرأة لا ينقض الوضوء .
كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم , يقرع بين زوجاته بمن ترافقه في سفره وغزواته ، وكان يُوّدع الأخريات ويضمهن إلى صدره الشريف، ويتغزل بهن مدحاً وثناءً ،ويتودد لصديقاتهن إكراماً لهن، إضافة ً لقيامه بمهام الزوجية كمساعدتهن في أعمال المنزل كما ورد بحديث مسلم عن عائشة-رضي الله عنها.
واعذروني لما سوف أتجرأ بذكره، فقد علمت من غير واحد من أخواني بأنه يأكل لوحده وينام بالديوانية ،وقد اشترى غرفة نوم فاخرة بمبلغ كذا ، ولا يدخلها إلا لقضاء وطره والعودة ثانية ً إلى فراشه بديوانيته. كما لا يعرف عن أولاده بأي صفوف هم.
فهل أدى وظائفه في المجال التربوي الوجداني ليعجب من سلوكيات من هم ضمن دائرة مسؤوليته؟!
قد يقول قائل :لسنا على درجة من العـلم، وأقول له : حين كان رسول الله يُلاعب
الحسن والحسين ويقبلهما ، قال له الأقرع بن حابس: يا رسول الله لي عشرة من الأولاد ما قبّلت أحدهم يوما ً، فقال له رسول الحب والرحمة : ما أصنع لك إن سلب الله الرأفة من قلبك " فالقضية إذاً ليست علم وإنّما رقة قلب ، وحنو فؤاد ، وشفقة نفس ،وهذه من السلوكيات المكتسبة التي بيّنت السُنة المشرفة طرائقها ، فقد جاء في الحديث : من يريد أن يرق قلبه فليمسح على رأس يتيم .
ثانيا ً : بالنسبة للأولاد : فقد كان رسول الله يُقبّل الحسن والحسين ويركبان على ظهره ويقول لهما: نعم الحامل والمحمول " وحين سأله الصحابة عن طول سجوده
ذكر بأنهما ركبا فوق ظهره فكره أن يعجل عليهما ، كما ونزل عن المنبر مرة ليحمل أمُامه ابنة زينب وليصعد بها المنبر ثانية ً .
ولم يقبل الشهادة للبشير بن نعمان حين أراد أن يعطي أحد أبنائه منيحة من دون أولاده الأخرين ، ثمّ قال : اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " فلما العجب ولم لا نجالس أولادنا نتجاذب معهم أطراف الحديث،نعضهم ونستمع لهم ،ونكتشف مواهبهم وإبداعاتهم ونشجعهم عليها ،ونسأل مؤسساتهم التعليمية عن سلوكهم الاجتماعي وتحصيلهم التدريسي؟!
فالتربويات الوجدانية ،ميولا ً واتجاهات وقيما ً ، هي إحدى حلقات الأهداف التربوية الثلاث، المعرفية العقلية،والوجدانية القلبية ، والأدائية المهارية ، وهي الأكثر أهمية
كونها تشتمل على الهدفين الأخرين ، وهي الفاعلية الحركية لما غـُرس ورسخ في العقل والوجدان وصدّقته الجوارح والأركان ،من مبادئ عقدية ،كون العقيدة مبعث السلوك، فلا نجعـل الأعراف والتقاليد تغـلب العـقيدة ، والعـادة تعـلوا على العبادة..
* أستاذ بقسم التربية وعلم النفس بكلية العلوم والآداب للبنات بالخفجي ( جامعة الدمام )