ووصينا
بقلم الكاتبة / سلوى الجهني*
رسالة إلى كل ابن ؛ بعد التحية ,,,,
اعلم أيها الابن ؛ أن والديك بعد أن تقدم بهم العمر , أصبحوا بحاجة لقربك منهم وودك لهم , إنهم يرغبون بالجلوس معك كرغبتهم لملاعبتك حينما كنت صغيراً بل وأشد , وهم يعلمون أن لديك مشاغلا وأعمالا وعائلة تنتظرك , لذلك لن يطيلوا الجلوس معك , إنهم يحتاجون لساعة واحدة من يومك , للاطمئنان عنك وعن أحوالك وأعمالك وعائلتك , وربما لن يطلبوا منك شيئاً إلا المودة في الوصال , واعلم أنه يتوجب عليك محادثتهم ومعرفة أحوالهم وملامسة احتياجاتهم لأنهم قد يجدون حرجاً في طلب بعض حوائجهم , أو أنهم لا يرغبون في تحميلك فوق طاقتك , فلا تنتظر منهم تقديم طلبات بحاجاتهم , وكن دائما أنت المبادر في التواصل معهم والسؤال عنهم , مع تأمين كل مستلزماتهم وحاجاتهم , فقد وجد كثيرا من الآباء أو الأمهات يخفون حتى مرضهم عن أبنائهم , وإليك بعض النصائح فيما يتعلق ببر الوالدين :
- اِعلم أنّ بِرَّ الوالدين ورضاهما ليس قبلة تطبعها على رأسهما , أو هدية تشتريها لهم , إنما برهما بأن تسارع بفعل ما يسعدهما وترك ما يؤلمهما , وثق أن سعادتك في حياتك مرتبطةً ارتباطاً وثيقاً ببرك لوالديك , وأنه لا شقاء مع بر الوالدين كما قال رب العزة في محكم التنزيل على لسان سيدنا عيسى عليه السلام : ( وبرّاً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقي ) .
- عند عودتك إلى المنزل , ادخله وأنت تحمل لوالديك أي شيء تكون قد اشتريته لهم , واعلم أن الوالدين يفرحون بأي حاجة يُحضرها ابنهم لهم , ففرحهم ليس بتلك الأشياء التي أحضرتها معك , وإنما فرحهم ينبع من اعتبار ذلك محبةً وتقديراً لهم .
- إياكَ أن تَبخل على والديك وابذل لهم الغالي والنفيس , روى الإمام أحمد عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنّه قال لمن جاءه يشكو من طلبات والده ( أنت ومالُك لأبيك ) رواه أحمد , تَفقّد منزل والديك , تفقد طعامهم وشرابهم , وتفقد ما ينقصه من أشياء وما يحتاجه من صيانة للمكيفات أو عطب في الكهرباء , لا تنتظرهم حتى يخبروك بما ينقصهم , فَبِرُّ الوالدين دَينٌ عليك , وكن قدوة لأبنائك ببرك لوالديك لأنهم سيردونه لك لاحقا , إن بِرا ببر , أو عقوقاً بعقوق , قال عليه الصلاة والسلام ( بِرّوا آباءكم , تبرُكم أبناؤكم ) رواه الحاكم .
- اعلم أن بِرّ الوالدين ليس بتأمين احتياجاتهم فحسب , وإنما بمجالستهم ومؤانستهم , فهم يحتاجون أن تجلس معهم يحدثونك وتحدثهم ,أغلق جوالك احتراماً لهم , وتحبب إليهم وأشعرهم أنهم هم الأغلى , استمع منهم من دون تضجر أو ملل , كما أنهم يريدون أن يعرفوا عنك كل شيء ليطمئنوا عليك وعلى عملك وعائلتك , حدثهم عن محبة أطفالك لهم , واطلب منهم أن يحدثوك عن ذكرياتك عندما كنت صغيراً , تقرب إليهم وأنصت لحديثهم باهتمام فهم يجدون متعة بحديثهم معك وقل لهم بأن يحدثوك عما يفكرون به , وعمَّ يؤلمهم , وعن ماضيهم وذكرياتهم ... إلخ .
- إذا لاحظت أي معلومة خاطئة أثناء حديثهم بأي موضوع , حاول أن تصحح لهم المعلومة بكياسة وأسلوب لبق , واصبر على افهامهم المعلومة الصحيحة وإياك أن تنفر منهم أو تجادلهم حتى ولو كنت على حق , واحذر أن ترفع صوتك عليهم ولو كان الأمر لخيرٍ يخصهم , فقد كان الصحابة والسابقون من سلفنا الصالح يعتبرون رفع صوتهم فوق صوت والديهم عقوقا , فقد ذُكِر أن أبي هريرة ( اشترى عدداً من العبيد وأعتقهم لوجه الله تعالى , لأنه رفع صوته فوق صوت أمه حينما أجاب نداءها , واستغفر الله كثيرا على فعله هذا ) .
- زُر والديك يوميا وذكّر أخوتك بأن يزوروهم , ونسِّق مع أخوتك لزيارة الوالدين واجتماعكم معهم أسبوعيا , حينها ستُخلون السرور على قلوبهم باجتماعكم جميعا , ويشعرون بمحبتكم لهم وبمحبتكم لبعضكم البعض , وإن لاحظت تذمر أحد الوالدين من الآخر أصلح بينهم بالمعروف ولا تميل لأحدهم على حساب الآخر , فلكل منهم مقامه ومحبته وفضله .
همسة في أُذن كل بنت ؛ بعد التحية ,,,
تواصلي مع والديك , وخاصة الوالدة , وإياكِ أن تنشغلين عنهما بعملكِ أو بأطفالكِ , وإن كانت ظروفك لا تسمح بكثرة الزيارات لهم فأنهم سيعذرونك , ولكن احرصي على التواصل الهاتفي معهما يومياً للاطمئنان عليهما وتفقد أحوالهما وتأمين ما ينقصهما .
- اتفقي مع أخواتك على وضع جدول لزيارة الوالدين , على أن تكون زيارة كل واحدة منكن حسب ما تسمح به ظروفها , واعلمن أن الوالدين يجدون الأُنس والمتعة بزيارتكن , قال عليه الصلاة والسام عن البنات : ( إنهن المؤنسات ) .
- لا تُكثري من الشكوى لوالديكِ , لأنهم سيتألمون أضعاف ما تتألمين , أشعريهم أنكِ بخير وأن أموركِ ممتازة , وأفسحي لهم المجال بالكلام , لا تُقاطعي كلامهم , بل أظهري سعادتك بالاستماع لحديثهم ، لأنهم قد يكونوا بحاجة كبيرة للحديث معكِ لتفريغ ما بداخلهم .
- عند زيارتك لوالديكِ , لا تُثقلي عليهم بطول الزيارة مع مراعاة وقت نومهم , فمثلاً إن كانوا ينامون مبكراً حينها يكن من الواجب أن تكون زيارتكِ لهم بوقت مبكر , وقللي من اصطحاب أطفالك الصغار لهم , لأنهم قد يعبثون بأغراضهم أو يُحدثون ضجة وفوضى .
- خصصي وقتاً لاصطحاب والديكِ بنزهة أو زيارة الأقارب , أو الذهاب إلى حديقة الحي , أو المسجد للصلاة , وحاولي أن تسجلين مع والدتك بحلقة تحفيظ القرآن .
كلمة أخيرة إلى كل الأبناء والبنات ,,,
إنّ أبواب البر كثيرة , ورضى الوالدين كنز للأبناء في الدارين , في الأولى برضى الله وتوفيقه لعبده , وفي الآخرة مغفرة ورضوانا , لذا عليكم بالحرص على برهما , تواصلوا معهم وتفقدوا أحوالهم , وأمِّنوا حوائجهم , واجعلوا لهم نصيبا من دخلكم , واصطحبوهم لعمل الفحوصات الطبية بشكل دوري , وتصدقوا عنهم أحياء وأمواتا , واحرصوا حرصا شديدا على رضاهم وأن يُكثروا من الدعاء لكم , وخاصة أنهم وصية الرب لنا , حيث قال تعالى : ( وقضى ربك ألّا تعبدوا إلّا إياه وبالوالدين إحسانا ) .