رياضة الروح
بقلم الاخصائية النفسية / خلود مفلح الحارثي *
أحيان نبالغ في ما يصيبنا من كرب الحياة و تلك المبالغة تنشأ من كوننا لم نتعلم مهارات معينة في كيفية التعامل معها مثل إدارة الضغوط بل و التحصين منها ،وكيفية تحديد المشكلة التي نعاني منها ،و متى يحق لنا أن نسترخي في ضجيج الحياة ،تلك المهارات حين جهلها نبدو عاجزين حقاً بالتصرف أمام ما يعترينا في الحياة ،و لكن ما أن يشع لنا ضوء معرفتها فأننا نبدو بخير ،و أحيان نتذكر أزمتنا و نضحك عليها كونها بسيطة ،و تغلبنا عليها لأجل أنفسنا من جديد بشعور المنجزون.
و الاسترخاء ليس فقط اسلوب علاج نفسي (سلوكي) بل هو رياضة اعتبرها للروح كما للجسد من رياضة تخفف عنه أعباء الكسل و البدانة و وقاية له من الأمراض العضوية ؛ فهو رياضة للروح تخفف عنها توترها و قلقها فتجعلها بوقاية من المشكلات الانفعالية و التي بالتالي تحافظ لنا على اتزانها و استقرارها و تجعلنا قادرين على حصانة أنفسنا من الاضطرابات النفسية مثل القلق والخوف ،و غيرها من المشكلات الانفعالية بمواقف الحياة عامة.
و مع ربط عملية الاسترخاء بعنصر التأمل يضفي لنا الكثير من المتعة و إطلاق العنان للنفس بأن تبدع بقوتها لصفاء الذهن و التحكم بذلك فمثلاً :
لنتأمل صوت البحر أثناء استرخائنا
لنتأمل صوت حركات و نبضات الجسم بالداخل
لنتأمل برؤية الطبيعة أمامنا
لنتأمل برائحة اللافندر و الليمون من حولنا
لنتأمل كوب القهوة و نتنفس عطرها بهدوء ...
اشياء كثيرة و متعددة من الممكن أن نجعلها نقطة بدء لتأملنا و اغلاق أعيننا عن ما يزعجنا و البدء بتصفية الذهن و الروح و التحليق بها نحو سماء بيضاء نمشي نحوها بسلام و طمأنينة و نعود لواقعنا في تمام الهدوء و السكينة.
البدن يقع تحت الكثير من الضغوط و الصعوبات و الإجهاد ،تخيلوا معي لو أننا نعمل كالآلات سيأتي يوماً و تنطفئ محركات الطاقة لدينا كيف لنا أن نعاود العمل و الجهد إلا بتعبئتها بالوقود ،و وقودنا كبشر هو الراحة والنوم والاسترخاء في سبات فيعطينا شعوراً بالحياة والطاقة من جديد فلا تحرم نفسك من لحظات تسترخي بها ،و تذكر بأن لبدنك حق عليك أقم هذا الحق على أكمل وجه.
كاتبة، وعضوة رابطة كاتبات الغد