لِمن يجرؤ
بقلم الاخصائية النفسية/ خلود الحارثي*
يمر على مسمعي الكثير من المقولات التي لا صحة لها بل تعد مضخة لحالات الطلاق بالمستقبل!
صدمت حينما اخبرتني احداهن أنها لم ترغب بالزواج لأنها لم تشعر باستعدادها ورغبتها في دخول القفص الذهبي ؛ولكن اجباراً من عائلتها وأن جميع قريباتها رزقن بالزواج وذهبن وبقيت هي محور التساؤل الدائم لتقبل على زواج فاشل من أولى خطواته تنازل عن قبولها فيه في كون أن الرجل بدأ بتضييق الخناق عليها حين صارحته بأنها تحتاج وقتاً حتى يتسنى لها التأقلم بالحياة الجديدة وتقبل الوضع ماكان منه إلا التشكيك بها وبمشاعرها لطرف آخر..!
ولن انسى تصور تلك الأم بتزويج ولدها الغير منضبط من أجل تضبطه زوجته وكأنها المربي والمصلح الأول لتربية ابنها!
هناك معايير معينة لمنظومة الزواج حتى تستقيم وتكون على بينة ويعقد القران بناء على القبول من الطرفين دون دخول الاطراف الأخرى والتأثير عليهما ،تبدأ تلك المعايير بالظهور حينما يبدأ الرجل أو المرأه بتكوين مفهوم سليم حول الزواج والأسرة والأبناء والتربية وقبل هذا كله مفهوم الاختيار الصحيح لشريك الحياة ومدى التوافق في حين التقدم للخطوبة ودراسة كافة الجوانب المطلوبة وفق اختيارهما ،ومعرفة أن الزواج مسألة قناعة مشتركة بين شخصين في حياة ستبدأ بالقبول والرضا النابعة من الداخل لكلاً منهما والموافقة على المعايير المطروحة بينهما التي تمثل اهداف ورغبات هذين الزوجين من الحياة المستقبلية.
بعد الاتفاق تبدأ الاجراءات من وإلى النهاية والدخول للحياة على أساس واضح وبناء سليم منذ البداية ؛وربما يحدث الانفصال لعوامل عديدة بين الأزواج ولكن الغالب يكون:
تدخلات الأقارب
عدم النضج لكافة الجوانب
الخيانة
انعدام التوافق
قلة الاحترام والتقدير
عدم تحمل المسئولية
وتندرج العوامل الأخرى بعدها...
وهناك انفصال أو طلاق صحي تفادياً لوقع المنكر أو الخطر على احدى الطرفين وهذا تشريع من الله إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
ولكن هناك منعطفات قد تحدث ضد الانفصال لوجود الاطفال ،أو عدم وجود مكان للمرأه بعد انفصالها ،أو عدم رغبة عائلتها في ذلك حتى لاتعود إليهم وتكون عبء كتفكير قاصر يصلني من الكثير بمن بمثل هذه الحالات خصوصاً من تعطلت عن وظيفتها أو دراستها من أجل مشروع الزواج رغم أن الزواج لايتعارض مع ذلك أبداً في حال تم التنظيم والتكيف والتوازن بينهما بل يكون طريق مبهر لنجاحات البعض إذا كان اساس الزواج جيد ومحفز..
إذا كانت الحياة مستحيلة بين الزوجين وبينهما الاطفال ففي الغالب ستكون الأم المضحية بنفسها لأجل ابنائها وضحية هذا الزواج المليء بالمشاكل والمشاحنات وأن الاطفال قد يكبروا في ظروف غير مناسبة مما يؤثر مستقبلاً على شخصياتهم دون ادراك من الوالدين ،وبهذا العصر هناك بعض الوعي لمثل هذا التأثير على الاطفال والمرأه بوجه خاص حيث الاصبع يشار إليها بالسبب رغم أن الانفصال يكون سبب من الطرفين او اتفاق بينهما وربما يكون من نتيجة لاختيارات الأهل..!
فزمن الماضي يختلف عن الآن نظراً لتطلعات العصر الحديث وتعليم المرأه ومحاولاتها في العمل واثبات قدراتها في أن تكون فرد مستقل وفرد مشارك في الحياة العائلية وتكون عضو فعال كما عهدناها في تربية الاجيال وانتاج جيل يعتمد عليه ويفخر به..
فاعتقادات الزواج حول السن المناسب للزواج وحول الاختيارات فهذا يعتمد على قناعة الفرد واستعداده لهذه الحياة المشتركة التي تنطوي على المحبة والاهتمام والاحترام والتعاون وتحمل المسئولية والصبر والكثير من التغاضي فكلاً منا له جانب ايجابي وسلبي وهناك العيوب والمزايا فلا أحد يمتلك خاصية التميز والعصمة من العيوب كما جاء في حديث رسولنا الكريم رسول الأخلاق "من استطاع منكم الباءة فليتزوج" مؤكداً على اهمية الاستعداد ،فمنظومة الزواج إذا قامت باختيار سليم وقناعة تامة منذ البداية بتحمل كافة النتائج المنطوية على هذا الزواج من ابناء وتربية وتوفير كافة المتطلبات وتلبية الالتزامات بشكل معتدل ومحاولة وضع البدائل الممكنة للمشكلات واستشارة أهل الاختصاص في ضرورة بعض الأوضاع عندها سيكون الزواج ذو متانة ومراعي لأطرافه ومحققاً لإنجازات مهمة أولها الصحة النفسية والجسدية..
ليست كل الزيجات فاشلة وليست كلها ناجحة ولكنها تعتمد على اساسيات معينة ما إن اختلت تهاوت الأركان وسقطت ،وما أن عولجت وتبدلت من الطرفين حتى تحسنت واستقامت..
فأنا ضد الزواج لأجل كلام الناس
ضد الزواج لأجل التّعقل
ضد الزواج لتحقيق التوقعات
ضد الزواج دون نضج
ضد الزواج دون قناعة
ضد الزواج من أجل مصلحة
ضد الزواج لتسديد دين ووفاء بوعد
ضد الزواج الذي لايحقق لي ولا لأبنائي مستقبلاً بيئة جيدة
ضد الزواج للتخلص من المسئوليات
ضد الاشياء التي تجعل من الزواج عش تعيس موبوء بالإضطرابات ومستنزف للصحة والنفس بصيغة الإصلاح الاجتماعي عند اعتقادات البعض لا تمت للدين ولا للإنسانية بصلة.
* كاتبة،عضوة برابطة كاتبات الغد